جزيرة ورد اسمها في نقشي رستم لداريوس باسم والظاهر أنها جزيرة سقطرة وهنالك جزيرة حل بها اليونانيون بقرون عديدة قبل الميلاد يرى أنها هذه الجزيرة نفسها فلا يستبعد أن تكون جزيرة سقطرة إحدى الجزر التي نزل بها اليونانيون. ويستشهد المستشرق بدليل ما ذكره المسعودي عن استيلاء الإسكندر المقدوني على هذه الجزيرة بإشارة من الفيلسوف المشهور أرسطو إليه. وما ذكره المسعودي أيضاً من وجود النصرانية في هذه الجزيرة أيضاً، وهو قول يؤيده بعض الكتبة اليونانيين حتى قيل إن اللغة اليونانية كانت معروفة في هذه الجزيرة إلى القرن السادس الميلاد.
وورد في (نقشي رستم) اسم محل دعي بوتا في ضمن جدول أسماء الأماكن التي خضعت لهذا الملك. يرى المستشرق كلاسر أنه مستعمرة من مستعمرات اليونان الأيونيين الذين كانوا يسمون بهذا الاسم أيضاً. وحاول التوفيق بين هذه الكلمة وبين كلمة فودا التي وردت في نص المؤرخ بلنيوس والتي عين محلها. وعلى هذه الفرضية تكون مستعمرة مستعمرة يونانية من جملة المستعمرات التي أنشأها اليونانيون على سواحل البحر الأحمر.
وفي (نقش رستم) لداريوس أسماء أخرى كثيرة حاول المستشرق كلاسر أن يجد أماكنها في شبه جزيرة العرب من كلمة استبردا حتى كلمة بوتا وهو يجهد نفسه في ذلك إجهاداً بيناً، ويأتي باحتمالات قد تكون بعيدة لتأييد وجهة نظره. فيحاول مثلا أن يجد مناسبة بين عبارة (واليونانيين الذين يحملون على رؤوسهم غطاء مصنوعاً من الشعر) وهي عبارة وردت في نص (نقشي رستم) وبين عبارة وردت في كتاب (صفة جزيرة العرب) للهمداني عن أهل مخلاف المعافر وما والاه من استعمالهم للسكينية في الرأس.
كان اليونانيون على رأس المستشرقين كلاسر وعلى ما يظهر من بعض الملاحظات الواردة في المصادر اليونانية القديمة وفي جملتها (الأوديسة) على اتصال دائم بالعرب وذلك منذ أزمنة بعيدة قبل المسيح. والظاهر أن اتصالهم هذا كان عن طريق القوافل البحرية التي كانت تدخل في المياه العربية، وقد تركت تلك الرحلات البحرية انطباعات مخيفة في نفوس اليونانيين ظهرت في الأساطير التي رووها عن بلاد العرب فيما بعد.
وفي المصادر العربية إشارات وردت عرضاً فيها تأييد لما تقدم. غير أن البحث لا يستقيم في الوقت الحاضر إلا بعد زمان حينما يتسنى للعلماء إجراء حفريات علمية وتنقيبات أثرية