(الغلاشة) ويسكنون إقليم سيمين الجبلي، وإذا نظرنا إلى بيئتهم الجبلية المنعزلة استطعنا أن نفسر بقاءهم إلى وقتنا هذا بعيدين عن المؤثرات المسيحية التي سادت معظم تلك البلاد. ومن بين العشرة ملايين نسمة التي يتكون منها الشعب الحبشي نجد نحوا من ثلاثة ملايين يدينون بالمسيحية التي أدخلها المبشرون إلى البلاد في القرن الرابع الميلادي وأصبحت دين الأسرة الحاكمة الرسمي سنة ٣٥٠م عندما اعتنقها الملك (عزانا)، أما البقية الباقية من السكان فكثرتها تدين بالإسلام ولا يقل معتنقوه عن خمسة ملايين نسمة.
وعلى الرغم من ظهور الإسلام ونفوذه في الحبشة وقربه منها فقد ظلت الحبشة ملجأ للدين المسيحي وسط الوثنيين والمسلمين واليهود، فتاريخ المسيحية هناك عبارة عن سلسلة متصلة الحلقات من الكفاح لتثبيت قدمها ومقاومة انتشار الإسلام. وفي الواقع يصطبغ هؤلاء المسيحيون بالوثنية القديمة أكثر منها بالمسيحية، ويتمثل هذا في بعض عاداتهم مثل تعدد الزوجات، واكل اللحم النيئ، ومع أن مسيحيتهم سطحية فإننا نجد حوالي ربع سكانهم من الرهبان، والديانة السائدة في الحبشة هي الديانة الأرثوذكسية.
الصلات بين اليمن والحبشة:
كانت هذه الصلات قوية في أوائل العهد المسيحي وفي القرن السابق له مباشرة، والدماء الحبشية متأثرة تأثرا كبيرا بدماء سكان بلاد اليمن القدماء. ومما يدل على وجود هذه العلاقة بين الأحباش والساميين تلك الأسطورة الحبشية القديمة التي تتصل عناصرها بقصة من قصص الكتاب المقدس والقرآن الكريم وهي قصة ملكة سبأ وسليمان، فالأسطورة الحبشية تتحدث عن تنين عظيم كان يحكم البلاد قرونا طويلة وكان على جانب عظيم من البشاعة والشراهة إذ كان يفترس يومياً عددا كبيرا من الأبقار والثيران والماعز والظان إلى جانب ما يقدم إليه من العذارى حتى ضاق السكان به ذرعا فلجأ إلى شخص اشتهر بالقوة ليقتل التنين ويتولى الملك ففعل، وأنجب ابنة هي التي عرفت في التاريخ باسم ملكة سبأ، ودخلت في حرم سليمان وقد وضعت ولدا أطلقت عليه أسم سليا بن سليمان هو المعروف في التاريخ الحبشي باسم (منليك الأول) الذي أسس الأسرة السليمانية التي جلست على عرش الحبشة من سنة ٩٥ ق. م إلى سنة ١٨٥٥م.