ومجتمعين، وإنا نجد في كتب التراجم أسماء كتب في مثالب العرب عامتهم أو قبائلهم لكبراء والأدباء والعلماء.
وقد شارك كثير من الشعراء الموالي قومهم في ذكر مثالب العرب والتندر بهم حتى في مجالس الخلفاء والأمراء العرب، ومن ذلك ما ذكره أبو الفرج الأصفهاني، قال: (دخل أعرابي على مجزاة بن ثور السدوسي، وبشار عنده، وعليه بزة الشعراء، فقال الأعرابي: من الرجل؟ فقالوا: رجل شاعر. فقال أمولي أم عربي؟ قالوا: بل مولي. فقال الأعرابي: وما للموالي والشعر؛ فغضب بشار، وسكت هنيهة، ثم قال: أتأذن لي يا أبا ثور؟ قال: قل ما شئت يا أبا معاذ) فأنشأ يقول:
خليلي لا أنام على اقتسار ... ولا آبي على مولي وجار
سأخبر فاخر الأعراب عني ... وعنه حين تأذن بالفخار
أحين كسيت بعد العرى خزَّاً ... ونادمت الكرام على العقار
تفاخر يا ابن راعية وراعٍ ... بني الأحرار؟ حسبك من خسار!
وكنت إذا ظمئت إلى قراح ... شَرِكتَ الكلب في ولغ الإطار
تريغ بخطبة كسر الموالي ... وينسيك المكارم صيد فار
وتغدو للقنافذ تَّدريها ... ولم تعقل بدراَّج الديار
وتتشح الشَّمال للابسيها ... وترعى الضأن بالبلد القفار
مقامك بيننا دنس علينا ... فليتك غائب في حرَّ نار
فقال مجزأة للأعرابي: (قبحك اللَّه! فأنت كسبت الشر لنفسك وأمثالك).
ولقد حذا أبو نواس حذو بشار في التعصب للشعوبية والطعن على العرب، وديوانه حافل بالسخر منهم. وما افتتاحه قصائده بمدح الخمردون مناجاة الديار إلا تعصب للشعوبية وليس تجديداً كما زعم أكثر من أرخوا عصره أو كتبوا فيه، فأطنبوا في الإشادة به، وفواتح قصائده تنبئ عن سخره من مناجاة الديار أو بوجه أعم من العرب جميعا، وإليك مثلا من عشرات الأمثلة قوله:
عاج الشقي على ربع يسائله ... وعُجْبتُ أِسأل عن خمارة البلد
يبكي على طلل الماضين من أسد ... لادر درك! قل لي: (من بنو أسد