للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منسياً. . .

- لا مجال لريب في ذلك. . . كلنا جميعاً. . . جميعاً إلى هذا المصير سائرون. وليس ثمت من يخلد على أديم هذه الأرض. . . أواه. . . إن أفعالنا لآثمة، وأفكارنا تطمح إلى آمال كالسراب. إن الخطيئة لتسيطر علينا وليس ثمت خلاص من قضاء الله سواء في الدنيا أو في الآخرة. وإني لغارق في خطيئاتي كالحشرة تسعي في جوف الأرض. . .

- أجل. . . ورب منيتك كانت قلب قوسين منك!

- إنك لعلى صواب وحق، أيها الصديق. . .

فقال الحارس وهما يحثان الخطأ نحو الباب.

- إن الموت لأدنى إليكم معشر الجوالين منا نحن من نستقر في الأرض على الدوام!

إن هناك أنواعاً متباينة من الجوالين يا سيدي. فمنهم من أنزل الله السكينة على قلبه، فراح يصلي ويعبد ربه. ومنهم من أصابه الفجور فراح يعربد ويأتي المنكرات وليس له رادع يردعه عن أفعاله. وإن هؤلاء يجولون في المقابر لتتصل أنفسهم بالشياطين.

وهناك من في مقدورهم أن يهووا بفأسهم على هامة رأسك فتخر وقد بت على شفا الموت. . .

- هه. . . عم تتحدث أيها العجوز؟!

- آه. . . لا شيء. . . يخيل إلى أن هذا هو الباب. . . نعم إنه هو. أرجو منك فتحه. . .

فتلمس الحارس طريقه وفتح الباب، وقاد الرجل إلى الخارج من منكبه وقال:

- هذا هو منتهى المقبرة. . . وعليك بالانطلاق عابراً الحقول حتى تدرك الطريق، وحاذر الخندق أن تتردى فيه. وإذا ما لحقت بالطريق العام فانثن إلى يمناك وواصل سيرك حتى تصل إلى الطاحونة التي ترومها. . .

فزفر العجوز بعد فترة صمت:

- هيه. . . ولكن ما الذي يدفع بي إلى الذهاب إلى طاحونة (ميتريافسكي) إني أفضل البقاء هنا على المضي إلى هناك يا سيدي. . .

- وما الذي ترجوه من اللبث هنا؟!

- ستجد مني من يؤنس وحدتك، ويفرج عنك كربك.

<<  <  ج:
ص:  >  >>