- العلك رجل لطيف المعشر، حلو النكتة؟!
- بلا شك يا سيدي. . . فستضل تذكرني. . . تذكر ذلك الجوال على الدوام. . .
- ولم تظل ذكرى إنسان مثلك ببالي على الدوام؟!
قال العجز في صوت أصحل ساخر:
- هه. . . اسمع. . . إنك تمعن في الجفاء. . . وأنا أتبسط في الحديث. . . فما أنا بجوال كما أنبأتك!
- إذن من أنت؟!
- رجل ميت لقد خرجت الآن من لحدي. . ألا تذكر (جبرياف) القفال الذي شنق نفسه في عيد (الكرنفال). . . حسن. إنه أنا (جبرياف).
- بالله خبرنا بشيء غير هذا. . .
لم يصدق الحارس لفظة مما قاله العجوز، ولكن سرت قشعريرة الهلع في جسده فراح ينتفض فرقاً. . . ويسرع بالنأي عن الباب، فقبض الرجل الغريب على كتفة وهتف قائلا:
- قف. . . أتمضي وتدعني وحدي أعاني مرارة الوحدة. . . فصاح الحارس وهو يحاول نزع ذراعه من براثن ذلك العجوز:
- دعني أذهبّ دعني أمض بسلام!
- قف. . . إني آمرك بالوقوف، وستقف حتماً. . . لا تناضل أيها الكلب الرعديد. . . إن كنت تبغي الحياة. فقف حتى آذن لك؛ هذا لأني لا أود أن أسفك دماً حقيراً كدمك أيها الخنزير الجبان. . . قف مكانك. . .
وتهاوى الحارس، وقد سرت عنه شجاعته فأغمض جفنيه وراح يرتعد ويرتجف وقد طارت نفسه شعاعاً. . . إنه يستطيع الصياح والاستغاثة ولكن عبثاً يحاول. . . فليس من حي تصل إلى أذنه صيحاته. . .
قام الرجل الغريب إلى جانبه وساعده في ثبات وقسوة. . . وتقضت ثلاث دقائق والكون غارق في صكت رهيب. . . فعاد الغريب يقول:
- واحد مريض محموم، والثاني غارق في النوم، والثالث يلقى الجوالين بجفاء وبرود. . . ألا بالله خبرني يا سيدي الحارس كيف تستحقون مرتباتكم، إنكم كاللصوص ولكن في