للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حملة على مصر؛ وكانت الخطة لدفع هذه الحملة الخائنة عن الإسكندرية من وضع دروفتي قنصل فرنسا في هذا الثغر.

استتب حكم محمد علي وغزا الشام - بعد أن قهر الوهابيين بنحو خمسة عشر عاماً. وكان لويس فيليب، ملك فرنسا. وحكومته والرأي العام الفرنسي، شديدي الرغبة في أن ينفذ والي مصر ما عزم عليه وأن يوطد سلتطه في الشرق إلى أقصى حدود الإمكان؛ فلما خرج احمد باشا القبطان بالأسطول العثماني من الدردنيل في سنة ١٨٣٩ ليسلمه إليه حقداً منه على عدوه الشخصي خسرو باشا، الصدر الأعظم، كان أمير البحر للند يسد بالأسطول الفرنسي منفذ المضيق إلى البحر المتوسط، فلم يبذل أي جهد ليمنع الأسطول العثماني من الخروج تنفيذا للرغبة الدولية الأوربية مع علمه بنية أحمد باشا، بل أعانه على خدع الإنجليز والتخلص إلى مصر. لكن إنجلترا خشيت عواقب النصر الذي حازه محمد علي الكبير فحالت دون غرضه من توحيد الشرق العربي تحت حكمه وإن أيدته فرنسا في المفاوضات الدولية الأوربية حتى كادت تحارب من أجله، بل حرصا على نفوذ سياستها. وقد كتب بالمرستون، وزير الخارجية البريطانية، في ٤ من مارس عام ١٨٤٠ إلى جيزو، رئيس الوزراء الفرنسية: (أما كانت فرنسا تسر لو رأت في مصر وسورية دولة جديدة مستقلة تؤسس فيهما وتكاد تكون من إنشائها فتصير بالضرورة حليفتها؟ لكم الوصايا على الجزائر، فماذا يبقى يومئذ بينكم وبين حليفتكم مصر؟ هاتان الدولتان المسكينتان تونس وطرابلس، وهما تكادان لا تكونان شيئا. وهكذا يصبح ساحل أفريقية كله وقسم منه ساحل آسية على البحر المتوسط، من مراكش إلى خليج الإسكندرية، في قبضة يدكم وتحت نفوذكم. وهذا محال أن يكون من سبيلنا)

ضمن ماتيو بجرأته فيما ابتدأ به عمله السياسي صداقة محمد علي العظيم، ووطد في مصر نفوذ فرنسا لمدة مديدة، ومهد من حيث لا يدري لابنه فردينان طريقا قصدا إلى الأذن له في إنشاء قناة السويس: فإن صداقة الوالي، بعد إذ وصل إلى الحكم بمواهبه الفطرية وبتأييد من ماتيو، كانت صداقة مضمونة بادئ بدء لفردينان. وقد أكد الوالي أمر ذلك التأييد من الأب وهذه الصداقة للابن تأكيدا علينا يوم كان في سورية بين قواده وحاشيته ورأى فيه فردينان أول مرة فقال له (إن والدك هو الذي جعلني ما أنا اليوم. فاذكر أنك تستطيع دائماً

<<  <  ج:
ص:  >  >>