للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على جمال رائع كالزهور، وقد تفتحت أكمامها في صبيحة يوم اضحيان من أيام الربيع. . .

لم يبخل السلطان عليهن بمال. . . بل كان ينفق عليهن بسعة ويجلب لهن ما يوددن. . . أتى لهن بالخمر الفاخرة. . . وبما لذ وطاب من طعام وشراب. وكان يأذن لهن بالرقص واللهو كما يحلو لهن. ولكن إيثاره للفتاة القوزاقية بحبه كان ينغص عيشهن بعض التنغيص. . .

كثيراً ما كان يدعو الفتاة القوزاقية إلى جناحه حيث يشرف على البحر المسيطر إلى الأفق. . . حيث أعد لها كل ما تطمح إليه نفس امرأة ويهفو نحوه فؤادها كي نلحقها السعادة في الحياة. . . الحلوة والفاكهة والشفوف والغلائل. . . والقلائد من ذهب، والأقراط من شذور، والوشائح من زمرد. . . وثمت الطيور المعتدلة بأغاريد عذبة. . .

هذا غير ما ميز به السلطان من لطف المعشر ودماثة وفتنته. . . في هذا الفردوس يقيم السلطان أياماً وليالي يمتع نفسه بهذا النعيم ويتذوق الراحة والسعادة وهي تسعى إليه بعد العناء الذي يلقاه من أعباء الحكم. . . يقضي أيامه وقلبه آمن على ولده. . . وقدرته في أن ينهض بعظمة السلطان إبان غيبته. . . فهو يعلم كيف ينسل ولده إلى مروج الروس كالذئب فيغزوها ويغير عليها. . . ثم يعود والنصر يعقد لواءه على رأسه. . . فيكللها بآيات المجد والفخار. . . يعود مثقلا بالغنائم والأسلاب. . . والسبايا الفاتنة. . . يعود بعد أن يخلف الذعر والاضطراب. . . وفلول الأعداء ملوثة بالدماء والهزيمة. . . وحدث مرة أن عاد (توليق) من إحدى غزواته للروس فائزاً مضفراً. . . فأقام حفلا دعا إليه الأمراء وعظماء الدولة ابتهاجاً بالنصر المبين. . . وعقدت المباريات ومدت موائد الطعام. . . وراح القوم يقذفون نبالهم على أعين الأسرى ليعرف من هم أشد الجمع ساعداً؛ وأصوب رمياً. . . وعادوا إلى الشراب ينهالون حتى أترعوا وهو بين ذاك وذاك يمجدون هذا الفوز والنصر الذي أحرزه بطلهم العظيم (توليق الجلي). . . ويشيدون بالخوف والهلع وقد خلفهما يفخران في عظام أعدائه أما السلطان فكان سروره بفوز ولده لا يعادله سرور. . . وكان يعتقد أنه إذا ما انتقل إلى السماء سيستوي على العرش من بعده سلطان قوي مرهوب الجانب. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>