على أن السمك وقد بلغ ذلك الطول لا يبيض طوال السنة، لأن عملية نضوج الجهاز التناسلي عملية دورية تبلغ تمامها في وقت معين من السنة؛ يختلف باختلاف الأنواع؛ فمن أسماك تبيض في الشتاء وأخرى في الربيع أو الخريف أو الصيف. وقد يستمر مبيضها أياما أو شهورا. وكذا يتبع الذكر تطوراً موازيا لتطور كل أنثى من نوعه.
وفهم أمثال هذه الحقائق (كمعرفة عمر الأسماك والطول الذي ينضج عنده جهازها التناسلي) من أهم القواعد التي يستند عليها التطبيق العملي. لأنه لما كان من الضروري أن يسمح لأكبر عدد من الأسماك بالتوالد وجب أن نعرف وقت هذا التوالد لحماية النوع برد عادية الصياد عنه، وهذه الحماية لا تتناول الأبوين فحسب، بل يجب أن تتناول البويضات وأفراخها.
ولذا كان من المهم أيضاً معرفة المناطق التي تغشاها الأسماك وقت التوالد فيمنع الصيد فيها. من ذلك مثلا أنواع البلطي التي تبيض وتفرخ بين الحشائش المائية (كالبردي) فيجب إبعاد الصيادين عن تلك المناطق أثناء موسم التوالد.
ومن أسماكنا كالبوري والطوبار ما يترك الماء العذب أو البحيرات الشاطئية ليخرج إلى البحر فيفرخ.
ولما كان مخرج هذه البحيرات إلى البحر بوغازاً ضيقاً، أصبح واجبا منع الصيد بتاتاً في البواغيز الموصلة بين البحيرة والبحر للسماح للبوري والطوبار بالخروج إلى البحر، ولأفراخه (وهي تقدر بالملايين) بالعودة إلى البحيرات.
كأننا بهذه المعلومات البيولوجية استطعنا أن نفي بالشرط الأول من شروط علم الحيوان التطبيقي. وهي حماية النوع بمساعدة الطبيعة في مجهودها نحو بقائه.
على أن هذه المعلومات يمكن الانتفاع بها على وجه آخر، إذ يمكن للأخصائي أن يقلد الطبيعة في عملها بإعداد أمكنة خاصة لأفراخ الأسماك وتعهدها بالعناية، وذلك برد أعدائها عنها وتغذيتها تغذية تساعد على نموها العاجل، كذلكيستطيع نقل الأسماك من جهة تكثر فيها إلى جهة صالحة لنموها وتوالدها ولكنها فقيرة منها.
وفي البحار تتخذ هذه المسائل طابعها الخاص، ولكن الدراسة تقضي هنا أيضاً بتعرف حياة