للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وشرحبيل، ويقل اسم علي وحسن وحسين وجعفر وزين العابدين، ويحدث ذلك الآن غير متعمد وغير ملحوظ، ولكنه في بداية أمره كان متعمداً ولا شك لكثرة المهاجرين إلى السودان من الأمويين بعد زوال الدولة الأموية، وكثرة المهاجرين إليه من العباسيين بعد ظهور الفاطميين. أما في مصر حيث أقام الفاطميون زمناً طويلا، فليس أشيع بين الأسماء العربية الإسلامية من اسم الحسن والحسين وعلي وسائر الأسماء العلوية، وقس على ذلك أسماء المسلمين في إيران وبعض الأقاليم العراقية والهندية؛ فإن أسماء الخلفاء فيها - ما عدا اسم علي - من أندر الأسماء.

وندع الأسماء ونستمع إلى نداء الباعة، أو ننظر إلى زفة الجهاز والشوار، أو نقرأ بعض العناوين على أبواب الدكاكين والأماكن العمومية.

فماذا نفهم من (العبد اللاوي شيلة جمل)، حين ترى أن المنادي بهذا النداء السخيف يحمل في يديه وحجره عشراً من هذا العبد اللاوي الذي ينوء الجمل بواحدة منه؟

وماذا تفهم من اللحاف الذي يحمل وحده على مركبة، أو الكراسي القليلة التي تحمل على مركبة أخرى حين تعلم أن البيت كله ينقل بعد ذلك على مركبة واحدة تتسع لحمولة عشر مركبات من هذا القبيل؟

ألا تفهم من هذا وذاك ولعاً بالمظاهر الكاذبة يبلغ حد الجنون؟ ألا يصدق وصف الجنون على هذا الولع، لأنه يطلب المظهر، ولو لم ينخدع به أحد من الناس؟

إن الولع بالمظهر الخادع فيه بعض العقل أو بعض الذكاء. أما الولع بالمظهر الذي لا يخدع أحداً ولا يخطر على بال الآدمي أنه قابل للخديعة والأنخداع، فأصدق ما يوصف به أنه ضرب من الجنون، وأنه يدل على نقص في إدراك الحقائق وتصورها، لا يستقيم عليه حال.

وليس في وسعنا أن نعيد هنا أسماء الأماكن العامة أو عناوين الدكاكين كما نقرأها ويقرأها من يشاء، لأننا نمس بها أناساً من الأحياء لا نعني ذواتهم بما نقول، فنكتفي من ذكرها بالإشارة إلى مرادفها، أو ما يدل على مثل معناها ومثل ما تشتمل عليه من المتناقضات والأعاجيب

فماذا تفهم إذا عبرت الطريق فرأيت مدرسة للبنات تدعى مدرسة الانشراح، وحانة تدعى

<<  <  ج:
ص:  >  >>