أن يتثبت ويتحرى، ويرجع إلى كتب الفقه الإسلامي، وهي كثيرة في مختلف المذاهب.
يقول الأستاذ: إن القصاص - كما هو معلوم - من حقوق الله وليس من حقوق العبد، وحينئذ فليس لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضعه، كما أن رضا المعتدي عليه بالأرش أو الدية لا يسقط القصاص عن الجاني.
شُدهت لهذه القاعدة، ولما ترتب عليها من النتيجتين، وغلب على ظني أن الأستاذ الحقوقي يقرر القاعدة التي بني عليها القانون الجنائي الفرنسي. وبعض القوانين الغربية. وأو أنه متأثر بها، فأراد أن يطبقها على ما قررته الشريعة الإسلامية، فنأى عن الحقيقة، وأخطأه التوفيق:
فإننا إذا رجعنا إلى كتب الفقه الإسلامي، وإلى القرآن الحكيم الذي هو الأصل الأول لتلك الشريعة، وإلى الأحاديث الصحيحة - أتضح لنا ثبوت هاتين الحقيقتين
الحقيقة الأولى - أن القصاص من الحقوق التي غلب فيها حق العبد - كما صرح بذلك علماء الحنفية، وليس كما قال الأستاذ الحقوقي إنه (ليس من حقوق العبد) - جاء في الجزء الرابع من حاشية العلامة ابن عابدين المسماة رد المحتار على الدر المختار في فقه الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان ص ٣٢٨ من كتاب القضاء (أن المحكوم به أربعة أقسام: حق الله المحض، كحد الزنى أو الخمر، وحق العبد المحض هو ظاهر، وما فيه الحقان وغلب فيه حق الله تعالى، كحد القذف أو السرقة، أو غلب فيه حق العبد كالقصاص، والتعزيز)، نقل ذلك ابن عابدين عن الرسالة المشهورة في فقه الحنفية المسماة الفواكه البدرية لبدر الدين محمد الشهير بابن الغرس
الحقيقة الثانية - أن حق العفو المسقط للقصاص - في الحالات التي يجب فيها القصاص. سواء أكان ذلك في النفس أم في الجراحات والأطراف - مقرر في الشريعة الإسلامية لمن له حق القصاص سواء أكان بلا مقابل، أم مقابل الدية أو الأرش، هذا الحق ثابت بالكتاب الكريم، وبالحديث الصحيح، كما أنه منصوص عليه صراحة في كتب فقهاء الإسلام:
(١) قال تعالى في سورة البقرة: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى، الحر بالحر، والعبد بالعبد، والأنثى بالأنثى، فمن عفى له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان، ذلك تخفيف من ربكم ورحمة)، فحق العفو عن القصاص ثابت بقوله جل