إليها الصيد النادر من خارج بغداد. ثم لم يكتف بهذا بل دفعه هذا الهيام بالكتب على زيارة مكتبات الشام ثم مكتبات الآستانة، ثم لم يكتف بكل ذلك بل طلب المزيد وهو في العلم نهم فذهب إلى بروسية فالنمسا ليستنسخ أو ليأمر بأخذ صور فوتوغرافية لبعض النسخ الخطية النادرة المحتكرة في خزانات كتب تلك البلاد.
فتجمعت على مرور الأيام في بيت الأستاذ أوابد الكتب ومختلف المخطوطات، ثم أضاف إلى هذا القديم شيئاً من الحديث الغض الذي يخرجه المستشرقون في الغرب وأبناء العالم الإسلامي في بلاد العروبة وفي بلاد الإسلام فتكونت لديه مكتبة ثمينة حرص على حياتها كل الحرص وتعهدها وما يزال يتعهدها بالتغذية والنظافة والرعاية أكثر من رعايته لنفسه، وهي عنده بمثابة ولده (فاضل) لها نفس حقوق الولد وزيادة، يخدمها الأب والابن والأم. ولا أدري منزلة هذه الكتب من قلب (أم فاضل) فقديماً كانت الكتب والمكتبات أشد وقعاً على قلوب الزوجات من (الضرائر) ولعلها هي كذلك في نفوس السيدات المتزوجات على الرغم من ثقافة (ستّات) القرن العشرين.
وأخذ العزاوي العالم يفاجئ العراق بمؤلفاته وأكثرها في تاريخ العراق وهي مؤلفات تشهد لصاحبها بسعة العلم وطول الباع وقدرته على الصبر والأناة سلك فيها مسلك علماء الخلافة العباسية. ولست بمبالغ إذا قلت عنه إنه يمثل دور مؤرخي العباسيين في القرن العشرين. وكتابه (العراق بين احتلالين) وهو سجل جامع لحوادث العراق ويقع في أثني عشر مجلداً ويشمل حوادث المغول وتاريخ الجلائريين ثم التركمان ثم حوادث الدولة العثمانية وحروبها مع الإيرانيين فتاريخ المماليك المعروفين بالكولات ففترة ما بين علي رضا باشا ومدحت باشا فأيام مدحت باشا فالمشروطية وهو كتاب ضخم مرتب على السنين، وقد طبعت الأجزاء الثلاثة الأولى منه بين ١٩٣٥ و١٩٣٩ للميلاد، وهو خير ترجمان عن علم الأستاذ.
وللعزاوي كتب أخرى مثل كتابه تاريخ اليزيدية وقد طبع في سنة ١٩٣٥ وسيطبعه مرة أخرى بعد أن أضاف إليه زيادات وتنقيحات جديدة. وقد نال التفات صاحب الجلالة المغفور له الملك غازي الأول. ويسكن اليزيدية في شمال العراق في لواء الموصل وهم جد حريصين على ألا تتسرب عقائدهم إلى الخارج، وعقائدهم على ما يظهر مزيج من