يستطع الرجل المتفائل أن يزيد على تلك الدموع المذكورة فنظر إلى الرجل فاتحاً عينيه، وبعد برهة سأله قائلا:(إذن، أي دمع تريد؟ لاني أعتقد أنه لا توجد في الدنيا إلا الدموع التي ذكرتها، فهل تعلم غيرها؟)
فأجاب الرجل قائلا:(نعم، علمت أن الدنيا دمعاً غير تلك الدموع، وأنا لا أبحث إلا عنه، وأصرح لك بأنه دمع العطف والرحمة لا غير)
فعجب الرجل المتفائل من كلام الرجل، وحدق بعينيه في وجهه، وهز رأسه هزة خفيفة وقال:(لعل هذا الدمع ليس موجوداً في الدنيا؟ دمع العطف والرحمة! لم أكن أسمع هذا الإسم الغريب، ولم أعرف من الذي ينزل من عينيه هذا الدمع، ولأي سبب ينزل، فإذا علمتهه فهل لك ان تخبرني عنه بالتفاصيل؟) فقال الرجل: (نعم، سأخبرك عنه بكل سرور:
إن دمع العطف والرحمة لا يسيل لشخص أو لشخصين فحسب بل يسيل للناس الكثيرين، إن صاحب هذا الدمع يذرفه من عينيه إذا رأى المأساة وتأثر قلبه تأثراً تاماً، وليس هو كدموع الأطفال لأنها طبيعية بغير تأثر. وإن الدمع يسيل للاخلاص والصدق ولا يوجد فيه شئ من الخيال والكذب. وأما شخص يسيل منه الدمع فإني لا أعرفه، وقد بحثت عنه في كل مكان ودققت النظر في عيون الناس، فلم أجد قطرة من هذا الدمع، ومن يدري لعله لم يكن موجوداً! وربما سقط وضاع من عيون الناس في مكان، وكل شئ إذا ضاع يمكن أن يوجد بالبحث عنه. وسأبحث عنه لعلي أجده وأرده إلى أصحابه، وما عثرت على الذين ينسكب من عيونهم هذا الدمع، ولكن عسى أن أجدهم خلال بحثي عنه)
ولم يصدق الرجل المتفائل كلامه، وهز رأسه هزات ثم قال:(لا أفهم كلامك، ولكن إذا كان هناك من يسيل من عينيه هذا الدمع، فإنه يكون أكثر حمقاً وأشد سفهاً من الذين ذكرتهم لك، فإن الإنسان أذكى وأعز من كل شئ، ويستحيل أن يبلغ هذا المبلغ من الحمق والسفه، لذلك لا أستطيع أن أصدقك).
ونظر الرجل إلى الرجل المتفائل نظرة عطف وإشفاق، ثم تنهد وقال بصوت رقيق:(وأنت أيضاً من الذين أضاعوا هذا الدمع! فيجب عليك أن تبحث عنه معي، فإذا وجدته استرددت الشئ الذي أضعته، فهل لك أن ترافقني؟)
ولم يرض الرجل المتفائل عن كلامه بالطبع وقال: (كيف ضاع مني هذا الدمع، إن عيني