وذهب إلى دار الأحتفالات الكبرى فوجد فيها الناس مزدحمين منهمكين في إعداد حفلة فخمة لإستقبال رجل عظيم، وسمعهم يتكلمون عن تاريخ هذا الرجل: فيقولون (خاض هذا الرجل العظيم غمار الحرب مرات كثيرة وهزمت بخططه جيوش العدو التي لا تحصى ولا تعد، وكانت كل جثة تستلقى على ظهرها أو تحبو على بطنها فوق المروج الواسعة وفي الترع والأوحال العميقة مصابة برصاصه وقنابله، وخربت الحقول وهدمت الحدائق وسكتت أصوات التلاميذ في المدارس ووقفت حركات الآلات في المصانع بمدافعه وطائراته، وأصبحت الأيدي مقطوعة والأرجل مكسورة وفقدت النساء أزواجهن والأمهات أبناءهن بقضائه وقدره وهو يمر الآن بهذا البلد بعد انتصاره في الحروب)
فقال الرجل:(لعل هنا دمع العطف والرحمة). ولكن حي اقبل الرجل رأى على وجوه الناس علائم الاحترام ودلائل الفرح فقفزوا ورقصوا كأنهم جماعة الضفادع، وظلت اصوات هتافاتهم كالامواج تصخب ورموا قلاننسهم في وجه السماء تتراقص في الهواء،، وفي هذه الضوضاء وذلك الجنون دخل الرجل العظيم وتبعه الناس وافتتح الاحتفال، وراى الرجل انه لا يوجد على وجوه الناس إلا الابتسامة والبشاشة كأن عيوننهم لم تسل منها الدموع قط ولن تسيل منها أبدأ! فغادر تلك الدار صفر اليدين. وذهب الرجل إلى مصنع كبير فوجد رجالا ونساء كثيرين يعملو فيه وقد أصمت أصوات الاّلات اّذانهم وزكمت روائحها أوفهم، وما أكبر العجلات التي لا يستطيع الإنسان ان يحركها إلا يقوة كبير ورأى الرجل علامات الموت تدب على وجوههم من شحوب وهزال، ويحني بعضهم ظهره بجانب الآلات ياكل الطعام الخشن الردئ، وتقف بعض النساء يفكرون في أطفالهن الذين تركنهم في البيوت فربما بكوا بكاء شديدا إذا لم يجدوا امهاتهم، ولكن لا يمكن لهؤلاء الرجال والساء أن يضيعوا وقتا كبيرا بل يجب أن يأكلوا بسرعة، وعلى النساء أن يستيقظن من أحلام التفكير ويواصلن العمل. ولما غابت الشمس خرج العمال من المصنع ومروا بالسوق الليلية التي يطوف بها الرجال والنساء يبحثون عن السعادة والفرح؛ فدخل العمال في موج هؤلاء السعداء المزدحمين واختلطوا بهم.
وتبع الرجل هؤلاء العمال مفكراً قائلا:(لعل هنا دمع العطف والرحمة). ولكن هؤلاء الناس كماء النهر إذا دخله ماء آخر اختلطا وسار معاً بدون تأثر، وكذلك اختلط الناس في