فصدقتُ مأخوذاً وجئتُ وصيدَها ... أغالبُ خوفاً واندفاعةََ راغبِ
وأشعلت مصباحي فلما تكشفت ... عرفت نصيبي عند بيض العواقبِ
ودرتُ كمغشىّ ٍ عليه وحينما ... تمالكت أنفاسي ابتسمت لصاحبي
وقلت جزائي يوم خدَّر مسمعي ... منجم سوءِ بالأماني الكواذبِ
وأيضاً جزائي يوم حمَّت بصيرتي ... وملكت أمري خائباً وأبن خائبِ
فقال: مقاديرٌ ولما تنزلت ... وقعتَ وخابَ الحزمُ يا أبن التجاربِ
وعدتُ كأن الأرض حولي مآتمٌ ... وليس عليها غيرُ باكٍ وناعبِ
أصانع أبناء السبيل وأشتكى ... تعثر أقدامي ورعشة غاربي
أراودُ يأسي والقضاءُ كخاتم ... وأسبحُ في بحر مخيف وناضبِ
أباعدُ عن نفسي حقيقة رجعتي ... وأجبر بلواها بشتى العصائب ِ
وأحكي رؤاها في مضاجع ذابل ... ينام على جنبين صادِ وساغبِ
ومرّ بما أبكى رحيلا مُرزءاً ... جنيت الردى منه وشوك المجادبِ
ولاحت على مرمى العيون مواطني ... تحيةَ وشتاقٍ وفرحة آيبِ
هي الجنة الأولى وفيها منازلٌ ... تنسمتُ أهلي بينها وحبائبي
وفاح شذاها من بعيدٍ فهزني ... وذكّرني عهد الصِّبا ومآربي
وهاج زماناً كالربيع فشاقني ... ترنح آصالي بها ومغاربي
وأنهارها تحت الظلال جوارياً ... وفلكي عليها بين طافٍ وراسبِ
تموج بما فيها كأن غصونها ... على شغب ما بين راضٍ وغاضبِ
هي الجنة الأولى وتحت سمائها ... رأينا تباشير المنى والشبائبِ
مجالان هذا للشراب وللندى ... وذاك لأفراح الهوى والكواعبِ
وقلبان في صدري أروح بجامد ... وأغدو بمنساب الإرادة ذائبِ
يفزعني مسُّ اليقين ولونه ... وأومن مسحوراً بما هو رائبي
أميل مع الأهواء وسنان حالماً ... مكانٌ ينادي وآخر جاذبي
وقلت سأنسى في رُباها مَهالكاً ... أضلَّت صوابي واستباحت مضاربي
ولكن دخلناها فيا بؤس جنتي ... ويا بؤس إيماني وبؤس مثاوبي