للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عن حوادث عشرين عاماً متتالية، والحرب سجال، يوم لك، ويوم عليك.

هذا هو الشعب الأبي الكريم الذي حررته الديمقراطية في الحرب الأخيرة، واتخذت من أسمه عنواناً ومثلاً لتحرير الشعوب المظلومة المغلوبة على أمرها. والذي جمعت من أفراده ورجاله المتطوعة، وحاربت بهم، وقالت للعالم هاأنذا قد أرجعت الحق لأهله، وأنقذت أول شعب وقع العدوان عليه، وأزلت أثر الظلم والطغيان عن عاتقيه.

وترقب أهل البلاد نعمة الخلاص، وباتوا يعلقون الآمال، فماذا يراد بهم اليوم؟ إننا لنسمع الكثير من اللغط. فمن قائل بعودة هذه الأرض البائسة إلى سادتها الطليان، ومن القائل سلموها للروس، وآخر يقول بانتداب الغير عليهم كأن هذه البلاد خلو من السكان.

أنه ليهمنا نحن معاشر الأمم العربية، شأن برقة وليبيا، ويهمنا شعب هذه البلاد. لماذا؟ لأننا منه وهو منا، إنها لصلات الدم والقربى والثقافة والتاريخ الحي، لا المتحجر الجامد، ثم ما يوحيه هذا التاريخ المشترك من ذكريات الجهاد والنصر والهزيمة.

إننا نعبر عن رأيه ونقول: هذا الشعب لا يريد شيئاً مستغرباً أو فوق متناول يد الإنسان، أنه يريد أن ينعم بحدوده وبلاده وموقعه الجغرافي واستقلاله وحريته - أي بتقرير مصيره - فهو يطلب كياناً تحت الشمس، كغيره من عباد الله، شأنه شأن بقية الشعوب الصغيرة.

فهل تجاب دعوته، وهل يحسب لتضحياته حساب، وهل يعترف بجهوده؟

أم ستعرض بلاده للبتر والتقسيم، ويوضع مصيره وحريته ليضارب بها في سوق توزيع مناطق النفوذ.

الله يشهد أن هذه الأرض فقيرة، وأن تجربة إسكان الأوربيين التي قامت بها إيطاليا لم تنجح، فهل يقنع هذا الأقطاب الثلاثة بإعادة الحق لذويه أم ترد إلى سيطرة إيطاليا أو وصايتها نيابة عن الأمم المتحدة؟

أظن أن المنطق الأولى يقول: إن الأمم العربية ومعها شعوب الأرض الحرة بأكملها، لن تقبل ولن تسلم بعودة شعب شهيد، قد ذاق مرارة الاضطهاد إلى سيطرة جلاديه.

ونحن وإن كنا لا نصدق هذا، ونجده بعيداً عن المثل العليا، التي أعلنتها الدول المتحدة، لا نر غضاضة على أنفسنا، أن نصارح الأمم التي تسيطر على الأرض ببعض الحقائق فنقول:

<<  <  ج:
ص:  >  >>