وأما الأساتذة فيجب أن يتوخى في انتخابهم مقدرتهم العلمية وميلهم إلى المطالعة ومتابعة الدرس، وقد كتب في أحد تقاريره: (إن الأستاذ الذي يستطيع أن يخلق في طلبته الميل لتوسيع أدمغتهم ليتحسن منه أن يزيد في معلوماته ومعرفته. وكلما استطاع أن يجعل آراءه العلمية واضحة أمكنه أن يجعل طلابه أكثر وضوحاً واتساعاً. وكم كان يسره أن يرى أحد الأساتذة الذين اشتغلوا معه يتابعون دروسهم في إحدى الجامعات.
وكنتيجة للجدل الديني الذي قام في عصره شعر أرنولد بفقدان الشعور الديني في تلامذته؛ ولذلك فكر في تدريس التوراة في الصفوف الابتدائية لمعالجة هذه الحالة. ولتنفيذ هذه الفكرة وضع أرنولد كتابا جمع فيه الفصول السبعة والعشرين الأخيرة من إنجيل أشعيا وشرحها شرحاً يمكن طلابه من فهمها حق الفهم.
وكان أرنولد يميل إلى النظام التربوي المتبع في المدارس الفرنسية مع انتقاده إياها بعض انتقادات لا تخرج عن جادة الصواب؛ فلا يوجد هنالك توافق وتعاون بين مختلف درجات العلم والتعليم. ولذلك فإن نظام المدارس الداخلية لم يكن مقنعاً. فإن العريف الذي كان يعد مسؤولاً عن سلوك الطلبة وأخلاقهم لم يكن في الحقيقة إلا واحداً منهم لا يسره أن ينم عن رفاقه أو يشي بهم.
وقد أعجب أرنولد بقلة النفقات التي يدفعها الطالب الألماني لمتابعة دروسه. فكان هنالك في بروسيا سلم تعليمي يمكن للطالب النابه ارتقاءه درجة إثر أخرى حتى يصل إلى القمة. وهذا النظام كان في رأيه أحسن نظام عرفته أوربا منذ القدم؛ فكان يجمع إلى الحرية الإنكليزية نظام الفرنسيين.
أما الجامعة فيجب أن تشمل ثلاثة فروع مختلفة، الأول منها فرع التعليم العادي الذي يمكن لجميع الطلبة على اختلاف مراتبهم العلمية مزاولته والاستماع إلى محاضراته الكثيرة في أي وقت شاءوا. والثاني يشتمل على بعض الدروس الليلية التي تعطى رجال الأعمال أو الموظفين الحكوميين الذين لا يمكنهم حضور الدروس النهارية. والفرع الثالث هو فرع المراسلة الذي يضم إليه جميع الطلبة الذين لا تمكنهم ظروفهم من الحضور إلى المدينة والاستماع إلى المحاضرات.