ذهب إليه صاحبه، كما نفي صاحبه ما ذهب إليه وبذلك يخرج البيتان في عافية.
وأحب أن أهمس في أذن الأديبين الناقدين أن كلمة (الخطأ) التي وردت في نقدهما فيها كثير من التجوّز، فلم يقل أحد من العروضيين إن هذا أو ذاك خطأ، ولكنه على حد تعبيرهم (خلاف الأولى).
وإني لأشكر للأديبين غيرتهما، وحينما أرزق سعة النفس والوقت أعدهما ببحث مستقل أستعرض فيه سنن الشعر العربي في مختلف عصوره لدفع هذا الزعم الذي يدفع الناقد لمثل هذه اللفتات.
والشعر مصدر ما وضعه العروضيون من قواعد، ويا ويل الشاعر من العروضيين
أحمد عبد المجيد الغزالي
١ - شعر حماد:
جاء في المقالة الخامسة من مقالات (حماد الراوية) العدد (٦٥١) عند الكلام على انتحال حماد (وإنما الذي به النحل لا الانتحال) أن شعره (يميل إلى الغثاثة والركة، ولم يبلغ من الجودة ما بلغه شعراء الجاهلية حتى تختلط أشعاره بأشعارهم). وجعل ذلك أحد أوجه ذكرها لأبطال روايات مشهورات عن ثقات، واستدل عليه:
١ - بنقل أبيات لحماد استهدى بها جبة من بعض الرؤساء. أولها (إن لي حاجة فرأيك فيها).
٢ - بضبطه (فرأيك) بالرفع والتحشية عليها بأن حماداً (يريد أن يقول: فما رأيك فيها).
٣ - بنقل أبيات جزلة منسوبة إلى حماد والإشارة إلى أن قائل تلك لا يقول هذه.
وأنا أقول:
١ - إن أبيات حماد في استهداء الجبة، ليست غثة ولا ركيكة بل هي أبيات بليغة. والبلاغة وضع الكلام في موضعه ومطابقته لما تقتضيه الحال، وتلك الحال لا تقتضي إلا مثل هذه الأبيات، ولو ساقها جاهلية فخمة غريبة اللفظ بدوية الأسلوب، لكانت باردة غثة، لأن لكل مقام مقالاً.
٢ - أما (فرأيك) فالخطأ في ضبطها، جر على حماد عارها وإنه لبريء منه، وإنما هي