وقد أعجب براوننج بهذا الكتاب إعجاباً شديداً دعاه إلى إعادة طبعه مرة ثانية سنة ١٨٦٧. فكلا الموضوع والأسلوب كلاسيكي جذاب. وقد وصف أرنولد أمبدوكليس وصفاً دقيقاً وأظهره بصورة فيلسوف يوناني ولد في جزيرة صقلية في القرن الخامس قبل الميلاد وفلسفته الباقية لدينا تدل على تصوفه وعلى حياة الأحلام التي كان يحياها.
والأغنية التي يناشد أمبدوكليس كما نه بها لا تقل عن قصيدة (ربي بن عزرا) في القوة والخيال الشعريين فهي تحوي بعض الأبيات الرائعة كقوله:
(قد نرغب في الحصول على الهدوء النفسي.
(ومع ذلك فإننا لا نتطلع إلى أنفسنا.
(ونحب القضاء على التعاسة والبؤس.
(بينما لا نحاول الامتناع عن الشرور والآثام).
وأكثر أبيات هذه القصيدة روعة هي أغنية غالسيس في نهايتها.
(إن هذه الأمكنة لا تصلح لسكناك أيها الإله العظيم أبولو.
(ولكن حيث تلتقي الجبال الغربية بصخور الشواطئ والبحار.
ويتممها بقوله:
(لقد أتى أبولو قائداً.
(بفرقته الموسيقية المؤلفة من تسعة أشخاص.
(فالقائد جميل.
(وكل الأعضاء من أهل السماء).
وجمال هذين المقطعين يتلخص في احتوائهما على بعض الاصطلاحات الشعرية ويمتاز المقطع الأول بأسلوبه الشعري الذي يعد أسّاً من أسس الفن والأدب.
والقسم الثاني من هذا الكتاب يشمل على أقصوصة تريسترام والفنانتين الملقبتين بأيسولت. وقد أحب تريسترام إحدى هاتين الفنانتين ولكنه اضطر إلى الزواج من الفتاة الأخرى. ولم يكن أرنولد موفقاً جداً في سرد هذه القصة لأنه لم يتمها ولكنه جاء بها بطريقة جذابة. وبعض أبياتها لا يسعنا إلا تردادها لنشبع شهوتنا باللذة التي تجنيها منها:
(إن صوتها ليعلو على الضوضاء فيصل إلى أذني.