خطب زوجته بعد أن فكر ملياً في هذا الأمر، ودبر خطته للانتقام منها ومن القسيس الذي يأتي لزيارتها كل ليلة فقال:
- سأتناول الليلة عشائي خارج المنزل لدى أحد أصدقائي، وإذا تأخرت قليلاً فلا تقلقي لغيابي لأنني سأقضي سهرتي عنده.
وقبل أن يغادر المنزل حدجها بنظرة حادة صارمة ثم قال لها بغلظة وجفاء:
- لا تنسي أن تغلقي ورائي باب المنزل بالمزلاج، وكذا باب مسكنك، بل وباب غرفة نومك كذلك إذا شئت أن تأوي إلى فراشك مبكرة. . .
ففهمت السيدة غرضه وابتسمت له على كره ثم تمنت له ليلة طيبة دون أن تسأله عن المكان الذي سيقضي فيه سهرته. . .
ولما غادر المنزل هرعت إلى الثغرة وأخبرت فلبو الذي كان في انتظارها بكل ما حدث لها مع زوجها في صباح ذلك اليوم، ثم قالت له وهي تضحك ملء شدقيها:
- أنني واثقة من أن زوجي لن يتحول هذه الليلة من أمام المنزل ليتسنى له القبض على هذا القسيس المزعوم فهل يمكنك أن تأتي إلي في المساء عن طريق سطح منزلك لنتبادل الأحاديث الحلوة والأقاصيص الشهية؟
فأجابها فلبو وهو يكاد يطير من شدة الفرح لهذا اللقاء القريب الذي كان لا يشتهي في الدنيا غيره:
- سأحاول ذلك يا عزيزتي.
فلما أقبل المساء تسلح الزوج بهراوة ثقيلة واختبأ خلف بوابة قريبة من المنزل. ثم وقف ينتظر على مضض مجيء ذلك القسيس الذي اعترفت له زوجته بأنها تحبه! وقد حدث ذلك في نفس الوقت الذي ذهب فيه فلبو إلى مسكن معشوقته عن طريق سطح منزله! وظل الاثنان في لهو ومرح إلى ساعة متأخرة من الليل، ثم عاد الشاب ثانية إلى مسكنه!
فلما بزغ النهار عاد الزوج إلى بيته بعد أن فرغ صبره، وجمدت أطرافه من شدة البرد! ثم ذهب إلى غرفة نومه وهو خائر القوى، منهوك الأعصاب، واستلقى على فراشه وراح في سبات عميق! فلما استيقظ من نومه غادر المنزل ثم أوفد إلى زوجته رسولاً من قبله على زعم أنه موفد من القسيس الذي اعترفت له بخطاياها بالأمس، عما إذا كان القسيس قد جاء