- والآن ما دمت قد اعترفت بخطيئتك، وكاشفتيني بإثمك فيجب أن تخبريني بكل شيء عن هذا القسيس، وإلا فالويل لكما مني معاً. . . . . .
فهزت زوجته كتفيها بسخرية واستخفاف ولم تأبه لوعيده أو تكترث لغضبه، ثم أرادت أن تلقي عليه في تلك اللحظة درساً قاسياً لا ينساه مدى الحياة، فقالت له بصوت هادئ، وعبارة متزنة هادئة:
- إنني في أشد العجب من تلك الغيرة العمياء التي تظهرها نحوي في كل وقت، وبدون سبب. أتظنني غبية قصيرة النظر مثلك؟ لا! فلقد عرفت لأول وهلة أن القسيس الذي اعترفت أمامه بخطاياي هو أنت دون غيرك! ولكني أردت أن أثير انتباهك بهذه الحكاية الملفقة، وأظنني قد نجحت في ذلك إلى حد بعيد! ولو كنت عاقلاً حقا لما حاولت الاطلاع على أسرار زوجتك بهذا الشكل المزري القبيح! ولكن الغيرة - قاتلها الله - أعمت بصيرتك، وذهبت بلبك وجعلتك عاجزاً عن تبيان الحقيقة الواضحة أمامك وضوح الشمس في رابعة النهار! ولقد اعتقدت خطأ أن كل كلمة من كلماتي إنما هي حقيقة ثابتة لا شك فيها، وغاب عنك أنها محض اختلاق، ولم تكن إلا مجرد درس لك ولأمثالك من الأزواج الذين تعمي بصيرتهم الغيرة الحمقاء عيونهم عن معرفة أبسط قواعد اللياقة والذوق! ولقد قلت في اعترافي إنني أحب قسيساً، أفلم تكن أنت ذلك القسيس الذي كنت أحبه في تلك اللحظة التي اعترفت فيها أمامك؟ وقد قلت أيضاً إنه لا يعصي عليه باب عندما يأتي إلى منزلي وهل هنالك باب في منزلك يستعصي عليك دخوله؟ ولقد قلت أخيراً إن هذا القسيس يبيت في مخدعي كل ليلة، أو لا تفعل ذلك حقاً يا زوجي العزيز؟ وكلما أوفدت إلي رسولاً من قبلك ليسألني عما إذا كان القسيس لا يزال يكرر زيارته لي كنت أجيب بالنفي، وهذه حقيقة لا شك فيها لأنك اعتدت أن تسهر إلى ساعة متأخرة من الليل خارج منزلك منذ اليوم الذي اعترفت فيه أمامك في الكنيسة، حتى ظننت بدوري أنك تقضي سهراتك عند امرأة سواي وتلهو معها ما شاء لك اللهو والمجون! وقد كان يجب عليك أن تفهم كل هذه الحقائق بنفسك دون أن تكلفني عناء شرحها وتوضيحها لك!