السيدة التي بدأت حديثها وقتئذ بصوت خافت ولهجة مترددة:
- لقد أتينا لزيارتكما اليوم، لأننا نريد أن نتبنى ولدكما الأصغر شارلوت. فذهل توفاسن وزوجته لقولها وعقدت الدهشة لسانيهما فلم ينبسا ببنت شفة. ولكن مدام دوبرييه لم تكترث لدهشتهما البالغة وتابعت حديثها فقالت:
- ليس لدينا أطفال ولهذا نود أن نتبنى ابنكما، فهل تقبلان ذلك؟
وهنا بدأت مدام توفاسن تفهم ما تعنيه مدام دوبرييه بهذا الكلام فقالت لها بلهجة لا تخلو من الاستنكار:
- هل معنى ذلك أنكما تريدان أن تأخذا ولدنا شارلوت منا؟
فتدخل المسيو هنري دوبرييه عند ذلك في الحديث وقال:
- إن زوجتي لم تبين لكما غرضنا تماماً، فكل ما في الأمر أننا نرغب في أن نتبنى طفلكما الصغير، وليس معنا ذلك أننا سنحول بينه وبين زيارتكما، بل أننا سنترك له مطلق الحرية في التردد عليكما في أي وقت، وإذا سلك معنا مسلك حسناً - وهو ما ننتظره منه في المستقبل - فسنجعله وريثناً الوحيد، وحتى إذا أنجبنا أطفالاً في المستقبل فسنشركه مع أبنائنا في الميراث. وإذا لم تثمر فيه تربيتنا وتعليمنا، فأننا لن ندعه وشأنه كما يفعل بعض الناس، بل سنعطيه حينما يبلغ أشده عشرين ألفاً من الفرنكات وسنودع هذه المبالغ باسمه في أحد المصارف الكبيرة على أن يسحبه إذا بلغ سن الرشد ضماناً لحسن تصرفه فيه، وزيادة على ما تقدم فإننا سنمدكما بمنحه شهريه قدرها مائة من الفرنكات مدى الحياة.
ولكن أبت عقيلة مدام توفاسن البسيطة الساذجة إلا أن تفهم هذا القول على غير حقيقته، وتؤوله تأويلا آخر، واستبد بها الحنق والغضب عندئذ فقالت:
- أتريدان منا أن نبيعكما ولدنا شارلوت في نظير جاهكما العريض، وثروتكما الطائلة؟ هذا محال. . . محال!!
وكان يبدوا على محيا توفاسن - زوجها - علامات التردد والتفكير العميق دون أن ينبس طول هذه المدة ببنت شفة، ولكن كان يلوح عليه أنه موافق على اعتراض زوجته بدليل أنة كان يهز رأسه من وقت إلى آخر موافقة منه وتأييداً لقولها!!
وبدأ اليأس يتطرق حينئذ إلى نفس مدام دوبرييه فحولت وجهها شطر زوجها وقالت له