- هنري! إنهما يمانعان في أن نأخذ ولدهما شارلوت معنا!
وحاول المسيو هنري دوبرييه أن يقنع الزوجين العنيدين لآخر مرة فقال: فكرا جيداً في مستقبل ولدكما وهنائه قبل أن ترفضا هذا الطلب نهائياً. . .
فهزت مدام توفاسن كتفيها بسخرية واستخفاف وقاطعته بقولها: لقد فكرنا يا سيدي في كل هذا من قبل، والآن أرجو منكما أن تكفا عن الكلام في هذا الموضوع ولا تحاولا إثارته مرة أخرى. وبينما المسيو هنري دوبرييه وزوجته يهمان بالخروج إذ فتح باب الكوخ في تلك اللحظة ودخل منه ولد صغير يشبه شارلوت إلى حد كبير حتى أن من يراهما لأول وهلة يظن أنهما توأمان! فلما وقع بصر مدام دوبرييه عليه سألت زوجة توفاسن قائلة: هل هذا الولد الصغير ابنكما أيضا؟؟ فأجاب توفاسن باقتضاب وهو يحك بيده لحيته البيضاء الكثيفة الشعر: كلا أنه جان فالنس، ابن جارنا الآخر الذي يقطن في الكوخ المجاور، ويمكنكما أن تحاولا أخذه منه إذا استطعتما ذلك!!
فرد عليه المسيو هنري دوبرييه بحزم وإصرار وقال: سنحاول ذلك بكل تأكيد! فأبتسم توفاسن ابتسامة عريضة ما كرة وقال له وهو يهم بالوقوف لتوديعه: إذن أرجو لكما النجاح والتوفيق في مهمتكما!! ولما دخلت مدام دوبرييه وزوجها الكوخ المجاور، وعرضا على فالنس وزوجته اقتراحهما السابق، رفض الزوجان هذا الاقتراح في بادئ الأمر، ولكن مدام دوبرييه وزوجها مازالا بهما حتى أقنعاهما بوجاهة فكرتهما، وصواب رأيهما، ولا سيما حينما ذكرا لهما المبلغ الذي سيمنحانه في كل شهر!! وبعد فترة قصيرة وجهت مدام فالنس حديثها لزوجها فقالت ما رأيك في هذا العرض السخي يا زوجي العزيز؟ فأجابها زوجها وهو يفتل بيده الخشنة شاربيه الكثيفين: إنني لا أمانع في ذلك يا عزيزتي، وليس عندي أي اعتراض مطلقاً. وتكلمت مدام دوبرييه حينئذ عن مستقبل الطفل، وسعادته، وعن النقود الكثيرة التي سوف يمد بها عائلته في المستقبل. فلما أتمت كلامها سألها فالنس وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة الرضا والارتياح، وشاعت الغبطة والسرور في قسمات وجهه الكثير التجاعيد: وهل سنأخذ المائة فرنك على يد أحد المحامين؟ فأجابه المسيو هنري دوبرييه وهو يهز رأسه موافقاً: بلا شك. . . بلا شك!!