وأرادت مدام فالنس أن تنتهز الفرصة فتزيد هذا المبلغ قليلا فقالت لمدام دوبرييه وهي تنظر من طرف خفي إلى زوجها نظرة ماكرة ذات معنى:
- أظن أن المائة فرنك ليست بالمبلغ الكافي في نظير انتزاع ولدنا منا لأنه سيصبح بعد بضع سنوات قادراً على العمل والكسب، ولذا يستحسن أن يكون هذا المبلغ مائة وعشرين فرنكا في الشهر!! فوافقت مدام دوبرييه على ذلك بعد قليل من التردد دون أن يخفى عليها جشع مدام فالنس وشدة طمعها!!
ولكي تثبت للزوجين الفقيرين مدى غناها وجودها، فقد أخرجت من حقيبة يدها مائة وعشرين فرنكا وأعطتها لمدام فالنس التي تناولتها منها بمزيد من الغبطة والسرور، في حين جلس زوجها هنري يكتب شروط الاتفاق بتؤدة وإمعان، فلما انتهى منه استدعى عمدة القرية وأحد الشهود فوقعا معه على العقد الذي أصبح قانونياً من كل الوجوه. . .
وخرجت مدام دوبرييه من الكوخ فرحة مسرورة لنجاح مسعاها، وتوفيقها في مهمتها، في حين كان الطفل الذي حملته بين ذراعيها يبكي بحرقة وحرارة لفراق والديه وتخليهما عنه، ويحاول أن يخلص نفسه من بين ذراعيها ولكن بلا فائدة. . .
وشاهد توماس وزوجته رحيل الطفل جان بوجهين كالحين. والظاهر أنهما قد لاما نفسيهما على رفضهما التنازل عن ولدهما شارلوت، وندما - بعد فوات الوقت - على ضياع هذا الكنز الثمين منهما!!
ولم يسمع أحد من أهل القرية شيئاً عن جان فالنس لمدة طويلة من الزمن. وكان أبواه يذهبان في أول كل شهر إلى مكتب المحامي فيتسلمان منه المائة والعشرين فرنكا ثم يعودان إلى كوخهما آمنين مطمئنين. . .
وساءت العلاقات حينئذ بين عائلة فالنس وبين عائلة توفاسن التي كانت تعيرها وتحط من شأنها أمام أفراد القرية لأنها فرطت في ولدها جان وباعته لمدام دوبرييه وزوجها بيع السلع! وكانت مدام توفاسن تمسك بولدها شارلوت من وقت لآخر وترفعه بين ذراعيها ثم تخاطبه بقولها:
- إنني لم أبعك ولن أبيعك يا ولدي العزيز بالرغم من أنني لست غنية كما تعلم ويعلم جميع الناس. . .