وأعود لمسجد الناصر فهل تعرفون له مكاناً فتدلوني عليه؟ من أستملك أرضه واستحلّ بنائها؟ وأين أنقاضه وحجارته؟
وتعال معي إلى أثر النبي، وهي التي يريدون برغم أنف الزمن، تعويد الناس أن يطلقوا عليها اسم الساحل القبلي، وابحث عن رباط الآثار النبوية، تجده لا يزال قائماً، ولكن لو كان ملكاً لطائفة من طوائف الأديان الأخرى، سواء أقلت أم كثرت، هل ترضى لنفسها أن تتركه على مثل حالته؟ وهل يليق بدولة إسلامية عربية أن تترك هذا الأثر الإسلامي المنسوب إلى النبي عليه الصلاة والسلام على ما هو عليه، وهو أول مسجد يقابلك وأنت تدخل القاهرة من الجنوب؟ ذكره القدماء وأشاروا إلى الآثار النبوية التي كانت مودعة فيه وإلى تبرك الناس به. وقال المقريزي إنه أدرك لهذا الرباط بهجة وللناس فيه اجتماعات، وقال إن سلطاننا الملك الأشرف شعبان تغمده الله برحمته، قرر فيه درساً للشافعية وكانت به خزانة كتب عامرة.
وهذه الآثار النبوية هي التي أوحت بالشعر لكثير من شعراء ذلك العهد ومنهم خليل بن أيبك الصفدي فقال:
أكرم بآثار النبي محمد ... من زاره استوفى السرور مزاره
يا عين دونك فانظري وتمتعي ... إن لم تريه فهذه آثاره
فهل فكر أحد من الناس أن يعاد ترميمه وأن ترجع آثار النبي إليه؟ وأن تزرع حوله حديقة على النيل، وأن ترد إليه مكتبته، والكتب رخيصة الآن؟ وأخيراً درس الحديث في هذه البقعة ما أجمل وقعه على النفس!
هذه مصر القديمة أو العتيقة أو الساحل القبلي، لماذا لا نعيد إليها اسم الفسطاط الذي عرفت به وعرف بها طوال القرون الماضية، ونعيد اسمي العسكر والقطائع للجزء الشمالي منها؟ فنقول قسم الفسطاط بدل مصر القديمة، ومحطة الفسطاط ونضع مشاريع الإصلاح بشرط ألا نمس القديم، ونتخذ فيها ما يحفظ الباقي منه.
إنني أرسلها كلمة حق في سبيل الله، لأنها في نظري البقعة الطاهرة ذات التاريخ التالد، أبينا أم رضينا، إذ يقع بينها وبين قرافة الإمام الشافعي مئات من المزارات والقباب والقبور والآثار التي تستحق عناية المسلمين ويقظتهم وانتباههم. وسيكون من نتيجة الوعي القومي