دخلت وأصبحت من لغة يتكلمها الملايين من الناس، ثم عدد مساجدهم وعلماءهم، وما عليه من التمسك بدين الإسلام وما يلقونه من حرية العقيدة والتسامح في القيام بشعائرهم الدينية، بغير حرج ولا ضغط عليهم.
ثم رايته انتقل فجأة لموضوع شائك وعر الملك لا يجرؤ أحد من الأتراك أن يخوض فيه وقتئذ، فقال:(أن الدين لازم لكل أمة وفي كل عصر) ثم استشهد بعقلية الشعب اليوناني الحديث، فقال:(أن هذا الشعب الذي يجاورنا ونجاوره ويعاصرنا، يستمد إلهامه ومثله العليا من ثلاثة منابع: تاريخه القديم، وعصر بيزنطة والدين الأرثوذكسي. فهذه دعائم ثلاث لتفكيره ولمثله العليا ولحياته).
وهنا التفتت السيدة زوجة دوشين اشرف بك، وكان زوجها نائبا بالمجلس ثم وزيرا مفوضا وسفيرا، وهو كاتب من المع كتاب الأتراك وأدبائهم، وسبق أن شغل منصب الأمين العام لرئاسة الجمهورية في أول عهد الغازي كمال اتاتورك، فأبدت الكثير من الشك في أقوال الوزير التركي وكان مما قالته:(هناك أشياء أخرى غير الدين ومبادئه، تستلهمها الأمم في حياتها وجهادها ونهضتها، ثم ما هو الدين؟ أليس هو المثل الأعلى الذي يكونه الفرد منا لنفسه)، وعبرت عن المثل الأعلى باللفظ التركي المستحدث.
أما حمد الله بك فاستمر في حديثه لا يبالي بالرد على ما يوجه إلى كلامه من اعتراض، وكان صوته يعبر عن أيمانه العميق وشعوره بالألم والحسرة، فخرجت كلماته وهي تلهب الصدور، ولذلك بقيت عالقة بأذني، قال:(نحن معاشر أهل الإسلام في اشد الحاجة إلى ما اسميه تربية المسجد، وأقول بكل أسف أن المسجد لا يلعب في حياتنا الدور الذي تقوم به الكنيسة في حياة المسيحي أو المعبد في حياة الإسرائيلي، ونحن أحوج ما نكون إلى رجل الدين الذي يوفق بعلمه وروحه وشخصيته وجرأته لان يحيط المسجد أو الجامع بهالة من القدسية والاحترام، وان يتخذه مركزاً لعمله الروحي والاجتماعي، الرجل الذي يمكن أن يطمئن الناس إليه في تربية النشء وتثقيفهم وتلقيتهم قواعد الدين الصحيح وأسسه وفضائله، أن المساجد بيوت الله وبيوت العبادة وبيوت المسلمين، فيجب أن تتجه أنظارهم إليها وان تجمعهم وقت الصلاة وفي أعيادهم ومنا سباتهم المفرحة والمحزنة، وارى إن تربية المسجد عنصر أساسي من عناصر نهضة المسلمين).