خمسين درجة، وبعدها انتهيت إلى حجرة واسعة تبلغ مساحتها ضعف مساحة هذه الحجرة ثم فرك (بيرم) عينيه وغير من نبرات صوته مما زاد في التأثير على فريد الذي كان بجواره جامدا كالتمثال، كله انتباه وإصغاء حتى لا يفوته من حديث القروي شئ، لذلك نراه يستعجله بقوله: وأخيرا ماذا رأيت؟
- رأيت يا سيدي أشياء غريبة جدا! لا ادري عن أيها أتكلم أولا: رأيت تماثيل لرجال من الأحجار ورأيت كثيرا من الأواني الكبيرة المصنوعة من الفخار التي يطلق الناس على الواحد منها اسم (الزير) ويبردون فيها مياه الشرب؛ هذه الأواني ملأا بتراب ثقيل لامع ورأيت كرسيا كبيرا من الذهب فاستعاد (فريد) في استغراب وفي صيغة سؤال عبارة بيرام الأخيرة: (كرسيا كبيرا من الذهب)؟ ثم مال بجسمه نحوه كأنه يريد ان يفصح أكثر من هذا وقال له: وماذا رأيت أيضا؟
- ماذا أقول لك يا سيدي؟ أن ذاكرتي لا تعي كل ما رأيت فأنها كثيرة جدا، وستراها بنفسك عندما تذهب معي!. . . هناك أسلحة كثيرة مزينة بالأحجار الكريمة. وهناك لوحات كبيرة من الرخام على الجدران نقشت عليها نقوش قديمة ثم سكت برهة كأنه يستذكر ما رآه وعاد يقول: فأنني أن أقول لسيدي أن في وسط الحجرة أن كرسيا طويلا جدا وهو دقيق الصنع جميل الشكل فاقع الاصفرار، وقد ثبتت في الأرض بمسامير وتتدلى فوقه من السقف سلسله طويلة من الذهب الخالص تنتهي بقنديل صغير الحجم اصفر اللون لم أرى قي حياتي اجمل منه. . . وفي ركن من الأركان مهد م الذهب تجلت فيه آية الفن القديم، وأبدعت فيه يد الصانع فكان تحفه نادرة المثال. هذا كل ما اذكره الآن يا سيدي من تلك الأشياء التي تخلب اللب وتبهر العين. ثم سكت ونظر إلى فريد إيذان بان حديثه قد انتهى وليعرف مدى تأثره بما سمع. وفي هذه اللحظة كان الخادم يدق الباب حامل أليهما القهوة فصاح فيه فريد بصوت الذي أستيقظ من نومه دون أن يتم حلمة الذيذ: لا نريد قهوة، فاخرج واتركنا وحيدين. ثم التفت إلى بيرام وقال له: هل أنت متأكد أن أحد غيري لم يطلع على هذا الموضوع
- قلت لسيدي أنني قضيت أكثر من سبعة أيام أفتش في (اشقودراه) عن رجل أستطيع أن اعتمد عليه. وأنا يا سيدي رجل ولدت ونشأة في الجبل ولم تمكني ظروفي من الاختلاف