للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما أهل الفتاة فقد حنقوا جداً على فعلتها هذه وقالوا كيف تبيح فتاة يهودية لنفسها أن ترتمي في أحضان قسيس روسي كان فيما مضى من الأيام ضابطاً في الجيش القيصري، وساهم في أعمال الاعتداء على اليهود، واغتصب نساءهم وقتل رجالهم؟. . .

وبعد مضي ستة أشهر على حياتهما المشتركة أحس جريجوري بألم في معدته وتبين له أنها قرحة، فلزم الفراش وكانت كلارا تشتغل وتقدم له القوت، ومرت بها أيام لم تعمل في أثنائها، فكانا يقتاتان بالشاي والخبز فقط، ولما أشتد عليه المرض نقلوه إلى المستشفى وأجروا له عملية، وتطوعت الفتاة بنقل دمها إلى جسمه فلم تنجح العملية، ومات ذلك الشيخ الذي أحبته كلارا بكل جوانحها. . .

لم يترك جريجوري لزوجته أو لخليلته من حطام هذه الدنيا سوى الوصية التالية: (أنا جريجوري فون فيخت، قس في هذه الكنيسة الروسية، أوصي بان ينتقل كل ما في هذا البيت من أثاث - سريران، وخزانة، وطاولة، وكرسيان، وأدوات منزلية - إلى السيدة كلارا هاينز وذلك مقابل ما قدمته لي من خدمات أثناء مرضي!).

وجرى مرة حديث بين (زيد) وكلارا حول الدوافع التي حدثت بها إلى معاشرة ذلك القس فقالت وهي تذرف الدمع بغزارة من ما فيها، أنني أحببته لأدبه وعلمه. . . إنني عشقته لخبرته وبعد نظره. لقد تهافت على عدد كبير من الشبان من أبناء جنسي ورفضتهم كلهم، لأنني لم أبحث عن مال. . . أو جمال. . . أو قوة جسدية، إنني بحثت عن رجل يشبع نهمي الروحي، ويرضي مطامحي الأدبية والفنية، فعثرت عليه في نهاية الأمر في شخص القس جريجوري.!. . .

لقد كان المرحوم جريشا (تصغير لجريجوري ويستعمل غالباً في التحبب) أستاذي الروحي، وزوجي الغيور، ووالدي الحنون!.

لم يود جريشا مفارقة هذا العالم. . . وكان وهو على فراش الموت يصرخ قائلاً: - لا أريد الموت. . . أريد الحياة. . . أريد البقاء إلى جانبك. . . لدينا رسالة روحية سنديها معاً. . . فلم يجبه الله على سؤاله وفاضت روحه بين ذراعي.

انظر إلى ملابسه. . . فها هي معلقة حيث تركها. . هاك كتبه اللاهوتية، وسريره وعصاه، وسترة نومه، ثم هاهي صورة (يسوع) لا تزال حيث أحب أن تكون. . . كلا، أن جريشا

<<  <  ج:
ص:  >  >>