تكون الكوارث الطبيعية في بعض الأوقات على صورة انحباس مياه الأمطار مدة طويلة مقرونة برياح شديدة جافة حادة تحرق المزروعات، وتجفف الأرض. وقد يعقب ذلك هزات أرضية لا تترك شيئاً في تلك البقعة التي تتحول عندئذ إلى صحراء جرداء يتركها سكانها إلى منطقة أخرى تصلح للزراعة والرعي والعيش.
يقول المستشرق موريتس لا بد وأن تكون هنالك حقيقة تاريخية فيما يروي عن هلاك قوم عاد وثمود. فإذا عرفنا أن منطقة الحجر كانت منطقة ثمود، وأن هذه المنطقة هي منطقة بركانية كثيراً ما كانت تثور وتلقى بحممها على ما جاورها وأن (الحرات) هي فوهات تلك البراكين وأماكن حممها عرفنا لِمَ هلكت ثمود وزالت معظم آثارها من عالم الوجود.
والحرّات هي مناطق بركانية خمدت براكينها وبقيت حممها وموادها التي كانت تقذفها، وقد بردت منذ مدة قبل ظهور الإسلام، إلا أن الدخان كان لا يزال يخرج من بعضها حتى في العصور الإسلامية. فقد ذكروا أن النيران كانت تخرج من حرة النار في جنوب شرقي المدينة، وكانت تشاهد في عهد الخليفة عمر بن الخطاب. وتحدث الناس عن نشاط بركاني ظهر فجأة في الحرة الكبرى التي تقع على مقربة من المدينة سنة ١٢٥٦م. وقد دام ذلك عدة أسابيع، وذكروا أن حمم هذه الحرة أخذت تسيل وتزحف نحو المدينة حتى أصبحت على مسافة كيلومترات قليلة من المدينة التي لم تنج منه إلا بمعجزة.
ولم نعد نسمع بحوادث بركانية مهمة منذ سنة ١٢٥٣ للميلاد في أكثر أنحاء شبه جزيرة العرب غير ما ذكرناه آنفاً. ففي هذه السنة حدث انفجار بركاني عظيم في منطقة عدن ثم خفت صوت البراكين منذ ذلك الحين ولم نعد نسمع بحوادث حرات تخرب وتدمر كما كانت تفعل في السابق. ومعنى هذا أن تطوراً جيولوجياً عظيماً حدث في هذه المنطقة بدون شك.
وقد بحث العلماء في طبيعة البلاد العربية من حيث الوجهة الجيولوجية ورأوا أن هذه البلاد قد جابهت عدة انقلابات وتطورات أرضية حدثت فيها منذ العصور الجيولوجية حتى الآن. ورأى الجوابون آثارا صدفية ومحاراً في الربع الخالي استدلوا منه على إن هذه المنطقة كانت مغطاة بالمياه ويجوز أنها كانت تحت مياه البحر.
وبنى المستشرقون على هذه الفرضيات العلمية نظرياتهم عن الأصل السامي وعن موطن