الأصل السامي وهجرات الساميين. كما بحثوا عن موطن العرب الشماليين، ووطنهم الأصلي هل كان في اليمن أو شمال اليمن، وهل كانت الكوارث الطبيعية هي العوامل الأساسية في الهجرة أو عوامل أخرى.
تتحدث الكتب عن حادثة انفجار سد مأرب وكيف أن هذا الانفجار سبب جفاف منطقة كبيرة من أرض اليمن كانت تتغذى منه وكيف تمزق الناس أيدي سبأ وكيف هاجرت القبائل من الجنوب نحو الشمال.
وقد أدى ذلك الجفاف والتحول إلى تبدي القبائل المستقرة وتنقلها من مكان إلى مكان على سنة الإعراب. وهي ظاهرة تحدث كثيراً في شبه الجزيرة، فتتنقل على أثرها العشائر المتحضرة إلى البادية حيث تتخذ عيشة البدو الرحل. وقد حدث مثل هذا التطور في العصور الإسلامية أيضاً ولا سيما في الأوقات التي تردت فيها الحالة السياسية وضعف فيها نفوذ الحكومة فلم يعد في إمكانها صيانة الأمن ولا السيطرة على النظم الاقتصادية؛ فكانت القبائل المتحضرة أو النصف متحضرة تضطر لحماية نفسها إلى الالتجاء إلى الصحراء حيث لا تصل إليها لهيب الحروب السياسية والثورات وحيث لا تضطر إلى الاشتراك في حروب لا نفع لها منها ولا ضرر.
ويشاهد السواح في الوقت الحاضر آثار بيوت ومنازل في أمكنة قاحلة رملية لا يمكن أن يستقر بها الإنسان في مثل هذه الظروف بأي حال من الأحوال. وقد كانت مأهولة فيما مضى كما يظهر ذلك من هذه الآثار. فكيف حل فيها هذا الخراب وحوّلها هذا التحول!
وفي المصادر اليونانية أسماء مدن وقرى رآها الكتبة اليونانيون وحلوا بها وقد أعجب بها هؤلاء. إلا أنها اندثرت فيما بعد ولم يبق منها أي أثر حتى عند ظهور الرسول الكريم. وفي المصادر العربية مثل هذه الأسماء أيضاً زالت من عالم الوجود. وقد أنشأ المسلمون عدداً من المدن والقرى لم يبق منها اليوم أي أثر. وقد حدث مثل هذا الحادث في العصور الحديثة كذلك.
إن الجفاف هو أعظم عدو هدد البلاد العربية وحارب الحضارة والعمران في شبه جزيرة العرب. وهو الذي حول الجزيرة العربية إلى صحار رملية لا تصلح للإنبات ولا للسكنى. وللجفاف عوامل مساعدة هي الشمس والتغير السريع في درجات الحرارة وهبوب الرياح