مذعورين على صراخ عنيف، وقرع شديد على باب الممر المؤدي إلى الغرف، وسمعوا أولغا تكيل السباب والشتائم ليوزيك، فتقول له: - اذهب أيها السكير إلى غرفتك. . . إنني آويتك وأحسنت إليك. . . اذهب أيها المتشرد. . . وكان يوزيك يجيبها: لقد سرقتني يا فاعلة كذا وكذا. . . والله لأبطشن بك. . . واحتدم الجدل فيما بينهما وحطم يوزيك باب الممر، ثم اقتحم غرفة أولغا ولكمها على عينها لكمة قوية تركت حولها هالة زرقاء، فاستنجدت بالجيران، ولكن أحداً منهم لم يجرؤ على التدخل، فاستنجدت مرة أخرى بأهل الحي، فجاءها الحراس واعتقلوا يوزيك، واقتادوه إلى دائرة الشرطة حيث حرر الضابط المسؤول محضراً، وكانت أولجا هي المدعية والمشاهدة، فقالت في إفادتها: - (لقد حطم زوجي الأبواب وضربني، فإنني أطلب له أقصى درجات العقوبة). . . ولما عادت إلى بيتها وسكنت إلى نفسها أخذ ضميرها يؤنبها، فراحت تبكي وتنتحب وتتساءل قائلة: - (رباه؛ من الذي سبب لزوجي الاعتقال غيري؟. . . ومن الذي أسكره، وسرقه، وقاده إلى سطح الدير سواي؟).
يبدو أن الإنسان مهما انحطت أخلاقه وفسدت، ومهما تدهور إلى مصاف الأسافل وتخبط في حضيض الحياة، يظل حاملاً في نفسه القليل من الكرامة، واليسير من المعنويات، فتراه إذا ما هزَّته مساوئه يثوب إلى رشده، ولو إلى حين، فيذكر أنه لازال ينتمي إلى بني الإنسان، وأن ما يقوم به من أعمال شريرة لأمر يناقض الأنظمة العامة التي اتفق عليها الناس، يخالف الطبيعة البشرية على الجملة.
وهكذا أحست أولغا يعامل خفي يدفعها لأن تسعف يوزبك، فعادت للتوّ إلى دائرة الشرطة وقالت للضابط المسؤول: - أود إدخال بعض توضيحات في إفادتي.
فقال - وما هي؟. . .
قالت: وأنني لأقر بأن زوجي لم يقصد من تحطيم الأبواب إلحاق الأذى بي، أو العبث بحوائجي، وإنه فعل ذلك وهو تحت تأثير الخمر فقط، وأما اللكمة التي أصابتني منه فقد كانت عفوا. . .
وبالرغم من هذا التوضيح في الإفادة حكم على يوزيك بالسجن أسبوعين: وفي السجن قص على زملائه قصته فقال فيما قاله: