للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فيما أحسب يقول لك: إن تعريف الجنس ينبغي أبداً أن يكون متضمنا معنى التعريض بشيء كالعذاب أو الويل أو الهلاك أو سوى ذلك كله.

ولو كان ذلك كذلك أيها الصديق لكان قصر تعريف الجنس على التعريض عجناً من العجب المضحك، فانظر إلى قولك (سلام عليك) التي كان أصلها (سلاما عليك) منصوبة بفعل محذوف، والتي عدل بها من النصب إلى الرفع على الابتداء للدلالة على ثبات معنى السلام واستقراره، مع بقائها في معنى الدعاء، فأنت إذا عرفتها تعريف الجنس فقلت (السلام عليك) اقتضت التعريض، فعندئذ تقول لي كما قلت: (وبديهي أيها الأستاذ أنك لا تعني بقولك (السلام عليكم) في بدء كتابك الأول تعريضاً بأحد إذ لا حاجة إلى التعريض).

فخذ عندئذ أختها وهي قولهم (حمد الله) التي كان أصلها (حمداً لله) منصوبة بفعل محذوف، والتي عدل بها من النصب إلى الرفع على الابتداء للدلالة على ثبات معنى الحمد واستقراره، مع بقائها في معنى من معاني الشكر والدعاء. فإذا عرفتها تعريف الجنس فقلت: (الحمد لله رب العالمين) أفيقتضي ذلك تعريضأً أو توبيخاً أو تهكماً!!! ألا يكون هذا عندئذ عجباً من العجب المضحك. . .

ومن أجل تعريف الجنس ما أتعب الزمخشري نفسه في آية مريم وفي آية طه، وفي سورة الفاتحة من تفسير قوله: (الحمد لله) فاقرأه هناك وتدبره كل التدبير.

وأما مسألة حديث التشهد فأراك جُرت فيها على الحق. ولقد قلت في مقالك: (أما أهل القبلة فتشُّهدهم بعد الصلاة مختلف فيه، فمنهم من يقول (للسلام عليك). وقبل كل شئ، فتشُّهد أهل القبلة لا يكون (بعد الصلاة) وهو (من الصلاة) ومن تركه أو بدّل فيه بطلت صلاته. هذه واحدة، وأما الثانية، فاختلاف أهل القبلة ليس يقال كما رويتَ، فالصحابة جميعاً والتابعون من بعدهم، وأئمة المذاهب من عرفت منهم ومن لم تعرف، مذهبهم تعريف السلام في التشهد كله إلا (ابن عباس) من الصحابة، والشافعي من أصحاب المذاهب، فإنه ارتضى تشهد أبن عباس وآثره لأنه عنده (هو) أتم الروايات وأكملها، ولكنه لم ينكر التعريف، ولا استنكره المزني ولا سواه من أئمة مذهبه. فلو أنت عنيت نفسك فرجعت إلى شرح البخاري كابن حجر (ج٢ ص ٢٦١ وما بعدها) والعيني (ج٦ ص ١٠٩ وما بعدها) لعرفت أن الصحابة والتابعين مجمعون على روايته بالتعريف في التشهد إن رسول الله صلى الله

<<  <  ج:
ص:  >  >>