- لو تعلم عنه مثل ما أعلم، ماخالجك شك في سمو خلقه، وصفاء نفسه، أنه مثل من أمثلة المروءة والنبل.
- أنا لا أعلم عنه إلا أن ثراء والده أفسد خلقه، ووأد مروءته، وإن الغني الذي يفاخر به ليس وقفا عليه؛ فربما أصبح أناس آخرون في وقت قريب أكثر منه ثراء، وأيسر منه حالا
- (اشقودراه) كبيرة وبها كثير من الأغنياء.
- نعم! ولكن أقصد أن من الممكن أن يظهر في سمائها أغنياء جدد فجأة لا يستطيع الخيال أن يصل إلى ما يملكون من مال. فاضطرب قلب محمود خوفا من أن يكون شفيق قد التق ببيرام وعلم من أخباره شيئا، ولكنه اجتهد في إخفاء تأثره وقال: نعم! ذلك ممكن وميسور، وإنه ليكفي الإنسان ليكون غنياً أن يربح (يا نصيب دوبلين).
- وما قيمة (اليانصيب)؟. إن سبلا كثيرة للغنى تنفتح أمامك، إذا أسعدك الحظ، وواتتك الظروف.
- وماذا تكون هذه السبل؟ بربك دلني على إحداها!
- ها أنت تسخر من كلامي! ولكن حقا توجد طريق كثيرة
- أنا لا أنكر أنها توحد! ولكني أومن بأن الحظ لن يحالفك أبداً.
- وأنى لك ذلك؟ ألأنه خدم صديقك فريداً، أم ماذا؟
- وما شأن فريد هنا، لكل إنسان خطة في الحياة.
- على كل حال، سأحدثك بعد قليل. ثم سكتا وقتاً تشتت فيه فكر محمود واعتقد أن شفيقاً قد اشتم عبير الكنز - لا محالة - وأن بيراما - لابد - وأن يكون قد خانهما. ولم يتحول عن هذا الاعتقاد إلا عندما قال شفيق: هل تعرف شيئاً عن مادة (أبونوس).
- نعم أعرفه! ولماذا؟
- ما قيمة هذا المعدن بين المعادن الأخرى؟
- إن قيمته عظيمة! كالذهب تقريبا، ولكن لماذا تسألني عنه؟ هل اكتشفت منجما؟
- إن لم أكن قد اكتشفته فسأكتشفه قريبا. فقال محمود ضاحكا - بعد أن اطمأن أن بيرام لم يفلت من يدهم، وأن شفيقا إنما يحلم بآبار من (أبونواس): أرجوك ألا تنساني يا شفيق، ثم أخذ الحديث مجري آخر إلى أن انتصف الليل فقام كل منهما إلى منزله. وقد آثر محمود أن