حدود فارس الشرقية إلى حدود الشام، ولما قتل ذهب سعدهم، وألف قوادهم الهزيمة واعتاد رجالهم الفرار. وكانوا يعتقدون بالتنجيم والعرافة، ذكر ابن الفرات في تاريخه أن هولاكو ملكهم لما دانت له الدنيا بفتح بغداد واستيلائه على العراق وحلب وامتلاكه دمشق، حدث نفسه أن يقهر الديار المصرية ويفتحها ويطأها بجنده.
قال: إنه احضر نصير الدين الطوسي وقال له (اكتب أسماء مقدمي الجند وانظر أيهم سيملك مصر ويجلس على تخت السلطنة) فكتب أسمائهم وحسب ودقق النظر فما ظهر له أن يملك مصر غير رجل اسمه كتبغا فذكر ذلك لهولاكو وكان اسم صهره كتبغا نوين فسلمه قيادة جنده وسيره لفتح مصر وكان مقتله في عين جالوت) بعد أن أدرك أيام جنكيز خان وحارب تحت قيادته وقاد جحافلهم إلى النصر طول أيام هولاكو.
وإني لأتخيل كتبغا هذا على صورة (تاراس بولبا) في القصة الروسية رجلا جباراً عملاقاً مهيب الطلعة يلبس البغلطاق التتري وقد استبدل بالشاربين الطويلين المنحدرين على كتفيه باللحية الطويلة التي وصفها الشيخ قطب الدين والتي كان يعلقها على أذنيه لإرهاب الناس وقذف الرعب في قلوبهم.
ومن الغريب أن يكون بين عسكر المغول فتى لا يكاد يدرك سن البلوغ واسمه كتبغا أيضاً فيؤخذ أسيراً ويربى بقلعة مصر ويطلق عليه اسم زين الدين، ثم يؤمر في عهد المنصور قلاوون، ثم يستقر في نيابة السلطنة بالديار المصرية، وأخيرا ينادى به سلطاناً فتصبح النبوءة المذكورة بعد ست وثلاثين سنة من معركة عين جالوت التي اخذ فيها من بين الأسرى.
ويصح أن نشير إلى ما ابتدعه المغول في فن الحروب وما ادخلوه من التغيير في كيفية ترتيب الجنود والزحف وتسوية الصفوف لأنه ابتداءً من جنكيز خان اتجه هؤلاء إلى ضبط الزحف بعشرات الآلاف من الرجال وإلى توجيه ضربات حاسمة من عدة جهات بطرق وأساليب لم تخطر على بال هانيبال ولا الاسكندر الأكبر ولا غيرهم من كبار قواد العالم. وهذا ما سنعرض له أن شاء الله في دراسة حملات جنكيز وأولاده وأثرها في التربية العسكرية بمصر وفي عقلية كبار قواد الدولة المصرية وملوكها وما أخذوه من الأنظمة عنها، ولا اترك هذا دون أن أعطي فكرة أولى عن ما أبتدعه كتبغا نوين من