للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

(كان يحيى هالكا منَ ظمأ ... فضل ما أوبق ميتا من غرق)

أو قول الحلاج:

(كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه ... وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا

هذا الذي ترك الأوهام حائرة ... وصير العالم النحرير زنديقاً)

إلى آخر ما قاله المبدعون الساخطون.

٣ - النطف العذاب

والى القارئ معنى ثانيا:

يقول (ابن الرومي):

(وما اللجج الملاح بمرويات ... وتلقى الري في النطف العذاب)

فكيف يعبر جحا بأسلوبه المرح عن هذا المعنى بأسلوبه الجاد:

يخبرنا الرواة أنه كان يستحم ذات يوم في البحر، فلما اشتد به العطش جرع منه جرعة ليروي بها ظمأه، فزاده الماء المالح عطشا على عطش، وأحس كأن معدته تلتهب.

فأسرع إلى نهر قريب منه فشرب منه نطفاً عذبا، فارتوى وهدأت ثائرة العطش، فأسرع إلى وعاءٍ فملأه من النهر ثم صبه في لبحر قائلا في ثورة الغضب:

(قبح الله غرورك أيها البحر، فما أدرى فيما كبرياؤك وصلفك؟ وأدري والله كيف يسمى ماؤك الأجاج ماءً؟ إليك أيها المتعجرف هدية أحضرتها لك من الماء لترى حقيقة الماء الجدير بهذا الاسم).

٤ - فائدة المصائب

وإذا قال (ابن الرومي):

(ومحال أن يسعد السعداء ... الدهر إلا بشقوة الأشقياء)

وقال المتنبي:

(بذا قضت الأيام ما بين أهلها ... مصائب قوم عند قوم فوائد)

وقال أبو العلاء:

(غنى زيد يكون لفقر عمرو ... وأحكامْ الحوادث لا يقسمنه

<<  <  ج:
ص:  >  >>