وقبل أن اختم هذه الكلمة اليائسة التي كنت أود لو قلت غيرها من قبل الكلام الذي تعوده الناس في هذه المناسبات الحزينة، أعتذر مخلصاً للسيدة الفاضلة عن خروجي عن المألوف، وأرجو أن تتقبل اعتذاري. أما اعتذار السيدة عن ترديدها لشعر الديوان في بكاء حبها الضائع وإلفها الراحل فهو حقها، فالديوان ديوانها مثل ما هو ديواني؛ إنه ديوان كل من أصيب في حبيب. أما ثناؤك الكريم يا سيدتي على ناظم الديوان، فأنه ينصرف إلى صاحبة وحيه ولك أجزل الشكر مني
عبد الرحمن صدقي
حول نقل الأديب
تتحف الرسالة الغراء قراءها الفينة بعد الفينة بما يعتمي الأستاذ الجليل النشاشيبي في (نقل الأديب) ويشغفه بالبيان والنقد مما لا يذر طلبة لمستزيد.
وفي عدد الرسالة الأخير رقم ٦٦٥ الطرفة الأولى (قضية خمرية) التقطها الأستاذ من (شرح المقامات) للشريشي. غير انه لم يعقب عليها بالرد على تفسير القاضي عبيد الله بيتي حسان في زعمه انه يريد بقوله (كلتاهما حلب العصير) الخمر ومزاجها، فالخمر عصير العنب والماء عصير السحاب. كدأبه في التنقيب والاستيعاب.
إن تلك الطرفة الأدبية (على ما زعم القاضي) سبق بقصها الأصبهاني في الأغاني، أخبار الواثق ج٩ ص ٢٨٨ طبع الدار، وحكاها الحريري استطراداً في درة الغواص الوهم ١٠٨ ثم نقلها عنه أبن حجة الحموي في أوائل (ثمرات الأوراق) كما ذكر الشريشي.
وقد فند ابن الشجري في أماليه تفسير القاضي بأوجه ثلاثة: الأول أن (كلتاهما) للمؤنث والماء مذكر؛ والثاني أن (أرخاهما) للمشاركة والزيادة والماء لا إرخاء منه؛ والثالث التدافع بين قولي القاضي الخمر عصير العنب وحسان حلب العصير للزوم إضافة الشيء إلى نفسه. ثم ارتأى بعدئذ أن الشاعر أراد كلتا الخمرتين الصرف والممزوجة حلب العصير.
نقل ذلك كله عن الأمالي الشهاب الخفاجي في شرح الدرة، وكذا البغدادي في خزانة الأدب ج٢ ص ٢٤٠.