أخرى في الجامعات العلمية والجامعات الدينية، ويلتقي بعلوم أخرى لامحيص عن الإلمام منه بالقدر المفيد، كعلم الإنسان وعلم الأجناس البشرية. وعلم اشتقاق اللغات، ودلالات الكلمات التي تدل فيها على أسماء الأرباب وشعائر العبادات.
فدراسة هذه المباحث لازمة للطلاب الأزهريين وهم أحق بها من سائر الطلاب، ولا يتأتى لهم أن يدرسوها مع التخصص لغيرها أو التوسع في أبواب التخصص الأخرى، وإنما يتوسعون هنا ويأخذون بأطراف من علم يحتاج إليه رجل الدين.
على أن (المقارنة بين الأديان) حظ مشترك بين المسلمين وغير المسلمين، ويجوز أن يدرسه المسيحي والإسرائيلي والبوذي ومن لا دين له، كما يجوز أن يدرسه الطلاب الأزهريين.
لكن الموضوع الذي تتعين دراسته في الجامع الأزهر ولا يعقل أن يستوفيه طلاب جامعة من جامعات الدنيا غير الجامعات الأزهرية هو موضوع المدارس الفكرية الإسلامية التي إنشاءها المتكلمون والمعتزلة وأئمة التصوف والحكمة في المشرق والمغرب من الصدر الأول إلى أواخر الدولة الفاطمية، فإن هذا المحصول الهائل من التفكير الإنساني أمانة لابد لها من حفيظ بين الأمم والحضارة الإنسانية. فمن عساه أن يكون أولى بحفظ هذه الأمانة من معاهد الأزهر وعلمائه؟ ومن أين لهذه المذاهب وهذه الدراسات من يفهما، ويصبر على تمحيصها واستخلاص زبدتها في غير مصر والبلاد العربية؟
إن المستشرقين لا يفهمونها ولا يؤتمنون عليها، ولا اعرف فيما اطلعت من كتبهم كتابا يدل على حسن فهم وحسن إنصاف مجتمعين، فإن وجد من يفهم على الندرة، فهم متهمون في الإنصاف، وإن وجد من ينصف فليس هو من الصابرين على التعمق والتفرغ للتحصيل. وليس من المروءة أن نكل إلى غيرنا على ما نحن أحق به من واجباتنا وأعمالنا، وليس في غير المعاهد الأزهرية مكان لاستيفاء هذه الواجبات والأعمال.
ومن الإجحاف أن نستخف بمحصول هذه المدارس الفكرية لأنها في الواقع تشمل على الكثير من النفيس القيم، كما تشتمل على الكثير من البخس الزهيد. ولا أخال أن المسالة من مسائل الفلسفة التي تصدى لها حكماء أوربا في قديم العصور وحديثها لم تدخل في نطاق هذه الدراسات على وجه من الوجوه، وقد وصل بعض المفكرين الإسلاميين في مسائل منها