غنى للمرأة عن الرجل، فلا كلاهما شطر يكمل الأخر ولا ينفصل قط عنه. ومن ثم فليس ببعيد أن تثير سيرة المسيح في لورنس الحقد والموجدة، وتؤجج في صدره نيران الغيظ والكراهية، إذ كان المسيح الشخصية الوحيدة الفريدة في تاريخ البشرية التي تهدم نظريته من أساسها. فلم يلجأ المسيح إلى المرأة يبتغى منها أن تملأ ما في حياته من فراغ وأن تسد ما بها من نقص. ولم يدع المسيح إلى الحياة الجنسية يؤازرها ويعضدها، بل فرق ما بين الروح والجسد بنطاق من الطهر والعفاف، وأحدث خرقا لا سبيل إلى رتقه ما لم نرجع إلى الحياة البدائية الأولى حيث كان اتصال الجنسين حرا طليقا لا تعوقه العوائق ولا تعترضه العقبات.
والفتح الجديد الذي فتحه لورنس في القصة هو محاولته أن يفلسف الجنسيات. ولا أدل على ذلك من أن أسلوبه بدع في مرماه ومغزاه، إذ هو يسعى في غير خجل وحياء إلي التعبير عن العلاقات الجنسية بين العشاق، وما تستتبعه من لذة ونشوة حسيتين عظمتين، وقد يصيب لورنس ويجيد ويفي على الغاية، وقد يخطئ ويقصر دون بلوغ الغاية، ولكنه علىذلك كله حاول أن يبتدع أسلوبا غير معهود من قبل فيما كتب الكتاب وألف المؤلفون. ومن الكتاب من يثنى على لورنس لنجاحه في التعبير على الجنسيات، ومنهم من يرثى لفشله في هذا الضرب من الكتابة دون الاعتبار لأي معيار من معاير الأخلاق، فما زالت تدوي حتى ألان تلك الصرخة: الفن للفن والذي يعنياه أن لورنس كان يعمد إلى كد الذهن، وإعنات الفكر ليتحقق ما كان ينشده من التعبير عن الجنسيات في لغة مثيرة غنية بالصور الحسية والاستعارات غير المألوفة. فما كانت المتعة الجنسية وما يدخل في نطاقها من لذة ونشوة غير مشاعر وأحاسيس خفية لا يسهل الإفصاح عنها إلا عن طريق المجاز، وبرغم ذلك كله فإن لورنس لم يظفر بالنجاح المنشود ولم يبلغ الغاية المرموقة.
ويبدو لنا التجديد الذي أدخله لورنس على القصة قوياً رائعاً أخاذاً في تقديمه لقصته (عشيق ليدي تشاترلي ' بقوله (إن الصورة التي يفيض عليها الشعور وينحصر هي التي تقرر حقاً مصائر حياتنا، وهنا تكمن الأهمية العظمى للقصة حين نتصرف فيها تصرفا صحيحاً، ففي مقدورها أن تقود فيض شعورنا المتسق في مواضع جديدة، وفي مقدورها أن تقود شعورنا بعيداً في ارتداده عن الأشياء التي انتهت إلى العدم. ومن ثم كان في استطاعة