بعد شيوع اللغة العربية في البلاد المصرية، ولا يذكر على التحقق سبب هذه التسمية ولكننا قد نفهمه من مصطلحاتنا التي نجري عليها اليوم في الدلالة على معناه.
فالمصري يسمي الرياضة فسحة أو شم هواء، وليس أقرب من تحويل عيد (الفسحة) أو عيد الفصح إلى عيد شم الهواء أو شم النسيم، ولا سيما في الموسم الذي تستطاب فيه النسمات، وتضيق فيه الصدور برياح الخماسين.
وقد شاع بين المصريين المحدثين أن (شم النسيم) يوم تختلس فيه النسمات فجراً، وتباكر فيه الحدائق والبساتين قبل امتلاء الفضاء بأشعة النهار، ومن لزم منهم المساكن ولم يخرج للنزهة في ظلال الأشجار فالرأي عندهم في الاستمتاع بطيب الهواء خلال ذلك اليوم أن يغلقوا عليهم النوافذ من الصباح ليحفظوا في البيوت بقية من هواء الليل الرطيب قبل أن تلهبه حرارة الشمس بأنفاس الطريق.
وتذكرنا هذه العادة بطريفة من طرائف الزعيم الكبير سعد زغلول رحمه الله، وقد تحدث إليه بعضهم عن حصافة (ذوي الرأي) في البلاد، وكان الموعد كموعد هذه الأيام.
قال رحمه الله: إني محدثكم عن حصافة ذوي الرأي هؤلاء، ولا أعفي نفسي مما يصيبهم في هذه الأحدوثة، فقد اتفقنا قبل يوم من أيام شم النسيم أن نقضيه في دار صديق من أصدقائنا، ونحن جماعة من ذوي الرأي كما تسمونهم سامحكم الله، وكان فينا العالم والكاتب والفقيه والمنطيق ومن يشار إليهم بالبنان في كل معضلة من معضلات الزمان.
وتوقعنا حرارة الجو المعهودة في موسم شم النسيم فاتفقنا على أن نتقيها بإغلاق النوافذ والأبواب منذ الصباح، ثم أغلقناها كما اتفقنا وقضينا سويعات من بكرة النهار في هواء رطيب محتمل، ونحن نغبط أنفسنا على هذه الحيطة ونرثي لمن فاتهم أن ينعموا بهواء البيوت وخرجوا إلى القيظ في الخلاء.
غير أن الحجرة ضاقت بأنفاس من فيها، وزادهم ضيقاً على ضيق كثرة المدخنين من نزلائها، وجعلوا يقولون فيما بينهم أنه قدر أهون من قدر، وأن احتمال الدخان خير من التلظي بنار الجو المحترق الذي قد يلفحنا بشواظه من وراء النوافذ والأبواب، لو فتحت النوافذ والأبواب.
واختنقنا ضيقاً ونحن على هذا الاعتقاد، وتفصّدنا عرقاً ونحن على هذا الاعتقاد، ومضى