على صورة أشبه بما جاء في قصيدته الإليجرو، وهو إنما يقصد حياة الشعر وجمال دنياه!
وينتقل بعد ذلك انتقاله حزينة بذكر ما حدث من موت ليسيداس فيذكرنا بقصيدته البنسروزو؛ فسوف يقع نبأ فقده في أنفس الرعاة أو الشعراء كما تقع الحشرات والصقيع على الزهر والحشائش النضرة.
ثم يسأل الشاعر عذارى الماء أين كنا حينا أطبقت اللجة على ليسيداس الذي أحببن؟ ولكن ماذا يجدي هذا الحلم وما عسى أن يصنعن لو أنهن كنا حاضرات. . .
ويتساءل الشاعر بعد ذلك في فقرة حزينة تعد من أبلغ ما كتب عن جدوى الشعر ومعاناة قرضه إذا كان مصير الشاعر إلى مثل هذا الفناء المباغت؛ أليس أجدى على المرء أن يرتع ويلعب؟ إن الصيت والرغبة في المجد هما اللذان يحفزان الأنفس النبيلة فتحتقر اللعب وتقبل على المتاعب، ولكن القدر المباغت يذهب بهذا كله. وإنما يشير ملتن في هذه الفقرة إلى ما يخشى على نفسه كما يشير إلى ما حدث لصاحبه، ثم يستدرك قائلاً إن أبولو يرد عليه مذكراً إياه ان المرء يفنى ولكن المجد والصيت لا يلحق بهما الفناء، وكأنه بذلك يعزي نفسه. . .
ويعتذر الشاعر عن نبتيون إله البحر بفقرة جميلة رائعة الخيال ويبرئه من إغراق ليسيداس ويعود باللائمة على الحظ العاثر، ثم يلمح إلى جامعة كمبردج ويذكر مبلغ حزنها على ابنها الذي فقدته.
ويبتعد الشاعر عن جو المرثية الذي جعله كله ريفياً فيحشر في آله الإغريق التي يلمح إليه (لود) كبير الأساقفة يومئذ ويشتد في الحملة عليه وعلى شيعته ويرميهم بالجهل، ويأتي في حملته عليهم بجمله قوية فيصفهم بأنهم (تلك الأفواه العمياء) ويقصد بالأفواه الهم والجشع والإقبال على الدنيا، والابتعاد عن الحياة الروحية. وأمل العمى فهو عمى بصائرهم وموت أرواحهم. وتفسر هذه الحملة على لود في هذا المقام بأن صاحبه إدوارد كنج كان يكره كبير الأساقفة وشيعته كما كان يكرهه ملتن لجمودهم واستبدادهم، وطالما قرأ ملتن وصديقه كنج الفلسفة معاً وعلوم الدين فكأنما يكره الشاعر إذ يرثي صديقه أن يموت ذلك الصديق ويعيش لود وأتباعه.
ويعود ملتن إلى جوه القروي، جو الرعاة والشعر، فينادي الوديان والشطآن أن ترسل