القرآن وطرفا من سيرة الرسول والصحابة، أما ما وراء ذلك من مواد الثقافة العامة فهو منها محروم، ولذلك نسمع النداء بوجوب توحيد الثقافة العامة كأن الأزهر يعيش في صومعة، ولا يشارك في دنيا الناس! كلا أيها القراء: إن الأزهر في معاهده الابتدائية يدرس على منهاج جامع شامل لا يذكر بجانبه منهاج المدارس الابتدائية؛ وبين يدي الآن هذا المنهاج الأزهري، ولو استطعت لنقلت لكم صورة منه، ولكني أقربه إليكم تقريبا:
مواد الدراسة بالقسم الابتدائي على وجه الإجمال هي: الفقه بمذاهبه الأربعة. التوحيد، السيرة النبوية وسيرة كبار الصحابة، تجويد القرآن الكريم، الإنشاء، النحو. الصرف. الإملاء. المطالعة والمحفوظات. التاريخ. الجغرافيا. الحساب. الهندسة. الجبر. تدبير الصحة. الرسم. الخط.
ففي الفقه يقرأ كتابان أحدهما صغير في السنة الأولى، والآخر أكبر منه في السنوات التي تليها، وفي النحو تقرأ كتب أربعة: الأجرومية وشرحها، والأزهرية، وشرح القطر، وشذور الذهب؛ وفي الصرف يقرأ كتاب متوسط في سنتين، والتوحيد يقرأ في ثلاث سنوات، وفي التاريخ تدرس كل الموضوعات التي يدرسها تلاميذ المدارس الابتدائية من تاريخ مصر القديم والحديث بتوسع؛ وتزيد المعاهد سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وكبار الصحابة، والحساب في المعاهد أوسع جداً من الحساب في المدارس، وقل ذلك عن الهندسة والجغرافية وتدبير الصحة. . . الخ.
فماذا بقي على الطالب الأزهري في المعاهد الابتدائية من مواد الثقافة العامة حتى ينادي المنادون بضرورة استكماله؟ لم يبق إلا اللغة الأجنبية، ولسنا نجد مانعا من إدخالها في المعاهد الدينية، بل نحن نرى ذلك واجباً فليخفف عن الطالب الأزهري كتابان من كتب النحو الأربعة مثلاً، ليعطى بدلهما لغة أجنبية في سنتيه الثالثة والرابعة كما يعطى تلاميذ المدارس، وحينئذ تكون معاهد الأزهر الابتدائية قد أعطت الأمة طلاباً يشاركون في ثقافتها العامة ويمتازون بعلوم الشريعة والدين واللغة على طريقتهم الخاصة التي لا غنى لهم في أقسامهم الثانوية ولا في دراستهم العالية عنها.
فإذا قيل: إن هذا المنهاج المزدوج ثقيل على الطالب فإننا نقول: إن طالب الأزهر ليس كتلميذ المدرسة الابتدائية؛ فالأول يلتحق بمعهده بين الثانية عشرة والسادسة عشرة بينما