وهي غفلة يكاد يتسم بها كل مفكر عميق، إذا حصر ذهنه في فكرة بعينها.
٥ - غفلة نيوتن
ولعل أكثركم يعرف قصة نيوتن الذي هدته دقة الملاحظة إلى تعرف الجاذبية، وكيف أراد أن يلقي بيضة في الماء الغالي ويمسك بساعته عشر دقائق حتى تنضج وكيف نظر - بعد قليل - فرأى أنه يمسك البيضة في يده، أما الساعة فقد ألقى بها في الماء مترقباً نضجها وشيهاً.
٦ - بين وزيرين
ولعل بعضكم يذكر قصة الوزيرين العباسيين حين التقى مركباهما في نهر دجلة، فأراد أحدهما أن يلقي إلى صاحبه بتفاحة، وما كاد يهم بذلك حتى شعر بحاجة مفاجئة إلى البصق في النهر.
فماذا صنع؟
ألقى بالتفاحة في النهر، وبصق في وجه صاحبه.
وحاول أن يعتذر عن سوء فعله فقال:(غلطنا) فأجابه الآخر: (ثُلطنا)(أي: لحقنا العار ولطخنا).
٧ - ضلال المتسرعين
وإنما لجئنا إلى هذه المقدمات لننبه إلى أن كثيراً من الطرائف والدعابات الجحوية قد حملت على غير محملها وفهمت على غير وجهها فتوهم بعض المتسرعين من سامعيها أو قارئيها أن صاحبها أبله أو مخبول.
وما هو - على الحقيقة - بأبله ولا مخبول، ولكنه ساحر يتلعب بالعقول.
ومن هنا وجب على الباحث أن يجلو الظروف والبيئة، ويوضح الملابسات، حتى يأمن الناقد من الحيف والجور، وينجو من التسرع والخطأ فيما يرتجله من أحكام بعيدة في الغالب عن الصواب.
٨ - سفينة السلام
وكيف نحكم إذا سمعنا أن رجلاً رأى مركبه تعنف به العواصف، وتشتد فتتقاذفه الأمواج