هذه هي مجموعة الاسوداد التي تحتل نفسي، وإنني لا ألمح غيرها، فلأمر يتعلق الآن بمناقشة هذه النقط وبمحوها إذا كان ذلك مستطاعاً. وسوف لا أقف طويلا عند النقطة الأولى، فيوم الأحد وحرارة الطقس، هاتان ظاهرتان يمكن إسنادهما إلى القدر، والتخلص منهما سهل، فأما الحرارة فإني أستطيع أن أتقيها بالأمر بإغلاق النوافذ المعرضة للشمس، وأما بقية نهار الأحد فإني أستطيع أن أقضيها في الكنيسة بالاستمتاع إلى الأناشيد الدينية، وفي هذا خير شاغل للوقت ومنسٍ للضجر.
أما النقطة الثانية أو الاسوداد الثاني وهو توعك الطفل فإن الدكتور (أرنو) أعلن أنه لا يوجد لديه ما يخيف، ومع ذلك فلما كان وباء الجدري منتشراً في المدينة فقد اعتزمت أن أكتب إلى الدكتور. . . (روبان) الذي لي فيه كبير الثقة لأرجوه أن يجيء غداً لفحصه.
أما الاسوداد الثالث - وهو الملابس التي فسدت - فسأتخلص منها بردها إلى (وايت فيرن) وسأنبئه بأنني لن أحتفظ بها، وإنني مستعدة لقبول الشروع في غيرها، وفي مدة خمسة أيام ستكون أخرى قد أعدت، وبناء على ذلك فلن يتأخر سفري إلى تالوار مطلقاً. وبعد هذا كله لم يبق إلا الاسوداد الأساسي، وهو زوجي أو (راءولي) الخبيث.
أيتها الأم الخيرة (ملكة الملائكة) ألهميني في هذا الموقف أن أكون زوجة متعقلة ومتدينة. أنت تفهمين تماما أنني لا أستطيع أن أقبل بسرور أن أكون مهجورة من أجل امرأة كمدام ديلافو أو فتاة كالآنسة (جيفيرني) ولاسيما أني لا أجد في نفسي ما أستحق عليه التأنيب، إذ أنني أحب (راءول) ولا أفكر إلا فيه، وفوق ذلك فأنا لست دميمة، بل إني أؤكد لك أيتها الأم أن كثيراً من الشبان قد حاولوا إغرائي منذ اندمجت في المجتمع فلم يفلح واحد منهم في ذلك مطلقاً، فهل من العدالة أنه بقدر ما يحس أنني ملكة يمعن في ألا يكترث بي؟. وهل ينبغي إذاً ألا أشعره بحناني نحوه، وأن ألهب غيرته على نحو ما هو مألوف في المهازل التمثيلية؟ كم هذا يقززني! كلا، كلا. أنا لن أقف نفسي - ولو في الظاهر - موقف المرأة الساقطة، لكي أجتذب حب زوجي. غاية ما في الأمر أنا أعتقد أن من الحكمة أن أراقب قلبي وأن أفهم (راءول) حزني، ولكن لا بواسطة الدموع، بل عن طريق السكوت وتجنب مظاهر المودة. ولا ريب أن هذا سيكلفني كثيراً، وسيكون شاقاً على نفسي، ومع ذلك فهو