توطئة لانتخاب غيره. وثار البرلمان وتمسك بأنه صاحب الحق في النظر في هذا الأمر، وأذعن الملك مكرهاً وتأكد بهذا الإذعان حق البرلمان في القيام على أمر الانتخاب!
وأعقب ذلك حادثة أخرى، وتلك هي حبس أحد أعضاء البرلمان لعدم دفعه ما عليه من دين، وإذ ذاك أعلن النواب أنه لا يجوز القبض على عضو من الأعضاء إلا بتهمة الخيانة أو تعريض السلم العام للخطر. ولكن الملك أصر على موقفه ولم يعبأ برأي النواب!
وفي نفس السنة أظهر جيمس عطفه على الكاثوليك وأراد أن يغير بعض القوانين الضارة بهم، فعارض البرلمان، وكانت ميول أعضائه بيرويتانية، ولعله إنما أراد بالمعارضة أن يقف في وجه الملك أكثر مما أراد أن يكيد للكاثوليك. . وأسرها الملك في نفسه. . .
على أن أكبر خلاف وقع بين الملك والبرلمان كان على مسألة الضرائب، وذلك سنة ١٦٠٨ حين أراد الملك أن يفرض من تلقاء نفسه ضريبة إضافية على التجارة، فعارض البرلمان معارضة شديدة، لأن هذا العمل يقوض حقاً هو أهم حقوقه من أساسه، ولكن الملك تمادى في عناده، وامتنع أحد التجار عن الدفع وقدم إلى المحاكمة، وكان الملك يومئذ يخيف القضاة بعزلهم من مناصبهم على الرغم مما نص عليه العهد الأعظم من منع تدخل الملك في سير العدالة، وحكم القضاة على التاجر؛ ولكن صوت البرلمان في الاحتجاج لم يخفت بهذا الحكم وأن لم يجده ذلك شيئاً، وما لبث أن تخلص منه الملك في غير عناء!
وفي سنة ١٦١٤ اشتدت بالملك الحاجة إلى المال بسبب إسرافه وإسراف حاشيته ومن اصطفاهم، فجعلهم من المقربين إليه أولى الخطوة عنده، فدعا الملك برلماناً جديداً ليعينه على الخروج من الأزمة، وحرص أتباعه على أن يأتي موالياً للملك، ولذلك أطلق الناس عليهم أسم المتعهدين استهزاء بهم؛ ولكن البرلمان ما كاد يجتمع حتى أظهر المعارضة للملك وللمقربين إليه، وأنكر سياسة الملك الخارجية، فقد كان يريد جيمس مسالمة أسبانيا ومصالحتها، وكانت انجلترة تكره ذلك أشد الكره!
وغاظ الملك أن يكون هذا البرلمان أشد من سالفه عناداً، فأسرع إلى حلة بعد شهرين من اجتماعه، ولما يتخذ قراراً واحداً، ولذلك أطلق عليه أسم (البرلمان العقيم)!
وحكم الملك ست سنوات من غير برلمان، يعمل بمشورة خلصائه حيناً، ويتبع هواه حيناً، يعزل من يشاء ويذل من يشاء، لا يسأل عما يفعل ولا يفكر في عاقبه أمره.