وفي سنة ١٦٢١ دعا جيمس برلماناً جديداً، وكانت الحاجة إلى المال هي التي تجعله يدعو البرلمانات ليعتمد على معونة النواب في فرض ما يطلب من الضرائب، وقد تذرع في هذه السنة برغبته في نصرة البروتستنتية وذلك بمساعدة صهره البروتستنتي فردريك حاكم البلاتينات في ألمانيا ضد النمسا وأسبانيا؛ وتحمس البروتستنت في انجلترة لمعاونة زملائهم في القارة، ولكن ما كان أشد غضبهم أن رأوا الملك يجحم بعد تحمس، دون أن يستخذى لما حل بصهره أو يأبه بتألم الشعب لما نال البروتستنت من هزيمة في القارة، وإذ ذاك عاد البرلمان إلى مناوأة الملك في المسائل الداخلية، فطالب بمحاكمة بعض وزرائه وأصفيائه على ما نسب إليهم من تهم أهمها الإثراء بغير حق عن طريق الاحتكار، وكان ثمة عرف قديم أهمل منذ سنة ١٤٥٠ يتيح للنواب حق الاتهام على أن تكون المحاكمة أمام اللوردات، وأحيا النواب هذا العرف فغضب الملك غضباً شديداً ليحمى وزراءه وأصفياءه، وأعلن كلمة جريئة اهتزت لها البلاد هزة الغضب والألم وهي قوله (إن امتيازات النواب واللوردات ليست حقاً لهم كما يظنون وإنما هي منحة من الملك، وإن عمل النواب ينبغي ألا يتعدى الأمور المحلية كالمناقشة فيما يطلب من المال والإعراب عن آراء ناخبيهم، أما أمور الدولة العليا في السياسة والدين فمن اختصاص الملك وحده. . .) ورد البرلمان بصيحة بالغة الجرأة فقال (إن كافة ما لدى البرلمان من الحريات والامتيازات والأمور المتصلة بالانتخاب وبسير العدالة، إنما هي حقوق قديمة مؤكدة تثبت بمجرد الميلاد لكل فرد في انجلترة ويتوارثها الأجيال، وكل ما هنالك من مسائل خطيرة لمحة تتصل بالملك والدولة والدفاع عن المملكة وعن كنيسة انجلترة ووضع القوانين والمحافظة عليها والعمل على إزالة أسباب الشكوى في الداخل، إنما هي من صميم ما يختص به البرلمان ويدير فيه المناقشات ويتبادل أعضاؤه فيه المشورة.)
وساء وقع هذا بالضرورة في نفس الملك المتجبر فأخذته العزة بالإثم وحل البرلمان ولم يجتمع إلا سنة ومزق بيديه هذا القرار من مضبطة المجلس وألقى ببعض أعضائه في غيابه السجن، وظل يحكم مستبداً بالأمر حتى سنة ١٦٢٤ حين جمع عزمه وأراد أن يعلن الحرب على أسبانيا، وشعر بحاجته إلى المال، وإذ ذاك دعا برلماناً جديداً لم يكن أقل من سابقيه معارضة للملك المستبد وظل قائماً حتى مات الملك سنة ١٦٢٥.