أمرته أن يأتيني بالصحف فأتى بها ونزع المفاتيح، وهذا هو الذي كنت أقصده لأنجو من هذه الفتنة الأخلاقية.
فلنقرأ الصحف لنتسلى بها. إن بعض هذه الصحف تضايقني لأنها جدية جافة، أما البعض الآخر الذي يستعذبه شبابنا من الأخوة والأزواج فهو مالا أتذوقه ولا أفهمه. وهناك عدد من الصحف تؤلمني مطالعته لأنني أرى فيه تشويه الأخلاق أو جرح الفضيلة. ومن هذا النوع الأخير هذه الصحيفة التي يقول عنها راءول إنها تُعنَى بأخبار النوادي والحفلات، وأنباء النساء الماجنات. وفي الواقع أنها كذلك حيث أرى الآن فيها هذا العنوان (الرجل الذي قتل كلبه بعد موت زوجته). ولاشك أني لا أفهم هذا النوع الشائك من الأخبار ولا أستحسنه.
وهناك نبأ آخر في هذه الصحيفة يحدثنا أنه قد لُمحَت أمس في غابة بولونيا الآنسة (إيرماديكلوزبيه) و (مارجريت ديبورجوني) و (ميس شامباني). ولست أدري أي شخص يعنيه هذا النبأ الذي استنفذ أثني عشر سطراً؟ لا ريب أنه يعني عشاق هاتيك النساء ولابد أن يكونوا كثيرين حتى تكترث هذه الصحيفة بإرضائهم. فأما السياسة فسنتخطاها، ولننظر حالا في الحوادث المختلفة. هاهو ذا نبأ عنوانه (سيدة غيورة تطلق المسدس على زوجها). مسكينات تلك الزوجات! إنهن في جميع الطبقات من أعلاها إلى أدناها هن المهجورات، ولكن كيف يستطعن التصميم على قتل من أحببن؟!.
والآن لنلق نظرة على رسائل القراء التي يتخاطبون بها عن طريق الصحيفة ففيها شيء من التسلية، لأنها تحوي طائفة كبيرة من المآسي والمهازل.
وبينما أنا أقرأ في هذه الرسائل، إذ رأيت الدنيا تضطرب في عيني فجأة، وأحسست كأن قلبي يتشرب كل ما في جسمي من دم، وسقطت الصحيفة من يدي، ومال جسمي على المقعد بعد أن فقد توازنه الطبيعي. وظللت كذلك ساعة من الزمن، فلما عدت إلى نفسي تناولت الصحيفة من جديد وحدقت في نفس السطر الذي قلبت كياني مطالعته، وهو يشتمل على ما يلي:(ر. - سرور! غداً مساء (السبت). إني نجحت في أن أتخلص من هذا الريف المزعج، وسأكون في العش المختار في الساعة العاشرة مساء، ولكن لا تجيء إلا إذا كنت قد صممت على أن تكون عاقلا (الإمضاء) سوز).
لماذا اقتنعت في الحال ولأول وهلة أن حرف الراء رمز لراءول زوجي، وأن سوز هي