للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سوزان ديلافو؟ فأما التعقل المنطقي فليس ما يؤيدني في هذا اليقين، إذ لا أعرف أن مدام ديلافو غائبة عن باريس، بل إنني قلت لراؤول محاولة المزاح قليلا: إنك سترى في حفلة الليلة سوزان الجميلة، فبتسم ابتسامة لم تلبث أن اختفت خلف لحيته السوداء ولم يحاول الدفاع عن نفسه.

فهل كان يجهل غيابها أو كان يسخر مني؟ لا أدري، ولكن الذي أنا واثقة منه هو أن هذه الرسالة الصغيرة موجهة إلى راؤول من مدام ديلافو، وأني موقنة بهذا إيقانا لا يقبل الجدل وعن طريق خفي. إني أعيد قراءة تلك السطور المرعبة كلمة كلمة؛ وإن كل عبارة من عباراتها تبدو لي كأنها كائن حي. يا لله! إنها مبدوءة بهذه اللفظة الماجنة: (سرور) حقاً إنه لسرور حينما تنفلت من زوجها معتذرة إليه لا أدري بأي كذب، لتلقي بنفسها بين أحضان أدنأ الجرائم وأشنعها. . . سأكون في العش المختار. . .!. إنني محتفظة بعواطفي، ومع ذلك فلم أستطع أن أمنع نفسي من البكاء. (العش المختار!) إذاً، إن ما كنت أخشاه منذ زمن لحق، وإنه لحق أيضاً أن الرجل الذي منحته نفسي بواسطة الزواج يستمتع بحب في باريس، وفي منزل آخر غير الذي أعيش فيه أنا وطفلي. غير أن الجملة الأخيرة من هذه الرسالة وهي: (لا تجيء إلا إذا صممت على أن تكون عاقلا). هذه الجملة - على ما بها من رفع الكلفة المقززة - تركت في نفسي شيئا من الأمل، إذ لو أنها تحبه لما قالت له هذه الكلمة. هاهي ذي حاضنة الطفل قد عادت من دار التمثيل، فلنرسلها إلى غرفتها لتنام، أما أنا فسأقضي الليلة هنا إلى جانب مهد ابني، ولعل وجودي بجانبه يحول بيني وبين اليأس، وأما راؤول فلا أستطيع أن أراه اليوم مطلقاً. أوه يا عزيزي المواسي الصغير!.

٣ - القلق:

٢٧ مايو

مبدأ حزين ليوم حزين، فالسماء تمطر، والمطر الحزين يتفق مع ما أنا فيه الآن من حزن وألم. وكل شيء يثقل كاهلي وجميع العوامل السيئة قد تكاتفت على إنهاكي، إذ ان الطفل قد أمضى ليلة سيئة وكان في نهايتها شديد الهياج، مرتفع الحرارة وإن كانت حالته قد تحسنت قليلا في هذا الصباح. وأنا أنتظر الدكتور (روبان) بفارغ الصبر. أليس ذلك كثيرا عليّ يا

<<  <  ج:
ص:  >  >>