إلهي؟ أو ليس فوق طاقتي أن ترسل إليّ هذه المحن الأخرى على أثر الأولى؟ لأني الآن لم أعد أشك في صحة ما ظننته، إذ قد سألت راؤول في هذا الصباح بعد أن حاولت أن أكون هادئة فقلت: هل مدام ديلافو كانت أمس في تلك الحفلة؟ فتردد لحظة قبل أن يجيبني ثم قال:(لا أظن ذلك، لا، إنها لم تكن هناك يقينا).
ولكني ألححت قائلة:(هل كانت غادرت باريس؟)
فلما سمع هذا سؤال ظهرت على وجهه حركة جزع ثم قال في غضب: - لا أدري يا صديقتي العزيزة! وهل أنا حارس مدام ديلافو؟ ومع هذا فإني أتوسل إليك أن لا تحدثيني عن هذه الإنسانة التي تبغضينها ولا أدري لماذا، لاسيما وأنها تحرص دائما على أن تكون في حضرتك غاية في الكمال.
في هذه اللحظة بألوان من الحقد تتجمع في نفسي حتى منعتني من أن أجيب على عبارته الأخيرة؛ بل أني لم أرد أن أنبئه بقلقي على الطفل، فليكن مايكون، وليعبث كما يشاء، ولينغمس في اللهو خارج المنزل، فأنا أريد أن أحمل مفردة عبئ قلقي، والطفل لم يعد ابنه فسأتولى وحدي شؤونه.
كانت الساعة العاشرة صباحا حينما دخلت الخادمة إلى غرفتي وأنا غارقة في هذه الهموم ومعها علبة مليئة ببعض المشتريات، ونبأتني أن عاملا من أحد المتاجر الكبيرة التي نعاملها قد حملها إلى المنزل وكلفها إيصالها إليّ، ثم قالت الخادمة: إن العامل منتظر خارج الباب، لأنه ليس متأكدا أن هذه العلبة مرسلة إلى سيدتي، فتناولتها فإذا عليها هذا العنوان:(مدام دي بواستيل) رقم ١٣ شارع فيزيليه.
هذا هو إسمي، ولكنني أنا أسكن (فوبورسان أو نوريه) لا شارع فيزيليه، فإذا أضفنا إلى ذلك أن اسمي في هذا المتجر (الكونتيس دي بواستيل) تبين أن في الأمر شيئا أو أن هناك خطأ، فدعوت العامل وقلت له:
- إنني لم أوصي بشيء من متجركم، فاحمل هذا وانصرف لأني لا أدري ما هو.
- يا سيدتي: - نحن شككنا ذلك، وظننا أن هنالك خطأ، لأن عنوان سيدتي عندنا، بيد أن سيدي الكونت جاء بنفسه فأوصى بهذا الطلب وأعطانا هذا العنوان؛ ولكن بما أني ذهبت إلى شارع فيزيليه فلم أجد أحدا في المنزل الذي الذي عينه لنا. . . وفي هذه اللحظة امتقع