نصف ساعة سيكون بين ذراعي تلك المرأة. وفي الحال خطرت لي فكرة انتظاره في ذلك المنزل كما كنت قد قررت آنفاً، ولكن هذه الفكرة لم تبق في رأسي إلا لحظة قصيرة، إذ وجدتني أقول في نفسي:(كلا، كلا، إن مكاني ليس هناك، بل هو هنا).
وفي الحال قدمت لي بإخلاص إلى إلهي ضحية كبريائي وعاطفتي كزوجة محبة لينجى لي هذا الطفل.
وفجأة هتف راؤول قائلاً:
- (جينيفييف جينيفييف!)
فنهضت واقفة لأني أيقنت أن هذا الإيقاظ له علاقة بصحة الطفل، وفي ثانية واحدة انمحى من نفسي كل الحقد الذي كنت أحمله له ثم قلت:
- ماذا؟ ما الذي حدث؟
- انظري
قال هذا وأشار إلى نقط كحبات العدس قد أخذت تنتشر في وجه الطفل وذراعيه، ولونها أحمر باهت، فصحت في جنون قائلة:
يا إلهي يا إلهي ما هذا؟ إني أرجو على الأقل ألا يكون الجدري قل لي يا راؤول. وفي هذه اللحظة تناولت يده وضغطت عليها ناسية كل شئ.
- امكثي هنا يا جينيفييف فسأذهب لإحضار الطبيب ثم خرج. وفي الوقت الذي فصل بين خروجه وعودته كنت أنا والحاضنة تائهين نذهب ونجئ في الحجرة تارة، وننحني من النافذة لنسمع ضجيج المركبة تارة أخرى. ولقد كنت أدعو ربي وأتوسل إليه وأجدد النذر القديم وهو أن أحتمل في سرور خيانة زوجي كزوجة خاضعة تحرس في أمانة منزل الخائن.
وفي النهاية عاد الكونت يصحبه الطبيب فأخذ يفحص الطفل وكنا في هذه اللحظة: أنا وراؤول ننتظر حكمه مرتعدين كطفلين يسيران في الظلام، وكان كل منا يعتمد على ذراع الآخر رهبة وخوراً. ومضت على هذا خمس دقائق كاملة قبل أن يفوه الطبيب بكلمة، وأخيراً قال:
- أنا أظن أنه ليس في الأمر خطر، أظن ولست متأكداً، لأن المرض لم يتحدد بعد.