للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

قالوا: فما سمع الحمار هذه الأبيات حتى عدل عن إبائه وأسلس قياده ودخل إلى الدار. وسأل التلاميذ أستاذهم عن سر ذلك الأباء وسر هذه الطاعة فقال: إن الحمار كان أستاذاً بهذه المدرسة فأبى أن يدخلها وهو دابة تحمل اللبن والحجارة وقد كان يدخلها وهو أستاذ يحمل الأسفار. . . فلما عرف أننا عرفناه كان له بعض الأنس بهذه المعرفة فأطاع

والحمير والله مساكين مظاليم

إنما الحمير حقاً أولئك الذين تناولوا هذه القصة فشكوا فيها تارة وأثبتوها تارة أخرى ليتهموا الرجل بمذهب تناسخ الأرواح. وتحضرني هنا قصة الصحيفة الإنجليزية التي أعلنت عن معرض للحمير يقام في حديقة هايد بارك بعد أيام، وكان موعد المعرض المزعوم موافقاً لليوم الأول من شهر إبريل، ولم يفطن له قراء الخبر إلا ساعة أصبحوا في الحديقة ولم يروا هنالك حميراً. . . فعلموا أنهم هم الحمير!

وما نخال الخيام إلا قد غلبه عفريت السخر في تلك اللحظة فسخر بنفسه وسخر بمريديه، وقال لهم إنهم كلهم يدخلون الدار ويحملون الأسفار!!

وشاءت المصادفات أن يصل البريد الأمريكي في هذه الآونة وفيه طوفان من كتب الجيب التي طبعت قبل ذلك في مختلف الأحجام بمختلف الأثمان

ومنها رباعيات الخيام

وهي على صغر الطبعة قد جمعت الصيغ المتعددة التي نقحها مترجم الرباعيات وأعاد تنقيحها في كل طبعة جديدة من طبعاتها الكثيرة. . .

ولا جرم يحتفل الأمريكيون بالرباعيات وهم يعيشون اليوم على مذهب الخيام، ويخرجون لميادين الحرب قائداً يسمى (عمر) تيمناً بسيرة الشاعر الفيلسوف!

فقلت: الخيام. الخيام. الخيام.

أفي كل مكان يسنح لنا طيف الخيام في هذه الأيام؟ وفتحت الصفحة على رباعية يقول فيها: (إن الكرم قد أنبتت عرقاً يلتف به كل كياني. . . فدع الصوفي يسخر ما يشاء، فإنني أسبك من معدني الخسيس مفتاحاً يفتح الباب الذي يطرقه ولا يجاب.)

وقلبت صفحة أخرى فرأيته يقول: (هذه الكرمة التي أنبتها الله، من ذا الذي يعاف عصيرها؟ وهذه العناقيد إن كانت شبكة من الشباك فمن ذا الذي وضعها هناك؟)

<<  <  ج:
ص:  >  >>