للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وفي صفحة أخرى يقول: (إلى الكون دخلت كالماء الدافق ولا أدري لماذا. ومن الكون خرجت كالهواء الخافق، فهل أدري لماذا؟. . .)

ومهما تقلب من صفحة في الرباعيات فما تخليك هنا أو هناك من بعض هذا المعنى أو بعض ذاك

قلت والله لقد ظلموك يا صاح بالتصوف كما ظلموك بتناسخ الأرواح. وصدق مترجمك فتزجرالد وهو أدرى بترجمة نفسك وشعرك من أولئك الرواة والمؤرخين. فما كانت خمرتك بالخمرة الإلهية، وما كانت عبارتك بالإشارات الخفية، ولكنك كما قال المترجم الأمين كنت تنظم الشعر في ماء العناقيد، وكان نظمك في معناه أكثر من شرابك إياه. . . وذلك فصل المقال فيما بين قولك وعملك من الاتصال

وأعجب العجب أنني فتحت مجموعة من الرسائل الفلسفية لابن سينا وغيره فظهر لي الخيام بين دفتي تلك الرسائل يسألونه عن سر الوجود كله وهو حائر في سر وجوده لا يعلم لماذا أقبل كالماء وانصرف كالهواء

سأله القاضي الإمام أبو نصر النسوي تلميذ ابن سينا (عن حكمة الخالق في خلق العالم خصوصاً الإنسان وتكليف الناس بالعبادات.)

فحاول الشيخ أن يروغ كعادته ولم يجد مهرب أمان، ولا عذراً مقبولاً للزوغان. وكيف يجهل ما يسألونه عنه وهو عندهم وعند أبناء زمنه جميعاً حجة الحق، فيلسوف العالم، نصرة الدين، سيد حكماء المشرق والمغرب، نادرة الزمان؟. . .

على أن الرجل قد أجاب بما ليس يعدوه جواب، فرجع إلى سبب الأسباب وهو واجب الوجود: ما من سبب إلا وله سبب إلا واجب الوجود فلا سبب لوجوده ولا لصفاته. . . وإلا لزم التسلسل بالأسباب إلى غير انتهاء، وهو في عقل الإنسان مستحيل. . .

والوجود فيض الجود الإلهي. فلماذا جاد بالوجود على المخلوقات. . .؟

الجواب أنه جاد لأنه جواد، ولا تعليل لصفاته كما لا تعليل لذاته. لأن التعليل يرجع بنا إلى سبب وراء واجب الوجود، ولا سبب هناك

ثم قال: (فإن قال قائل لم خلق المتضادات المتمانعة في الوجود؟ فيكون الجواب عنه أن الإمساك عن الخير الكثير من جهة لزوم شر قليل هو شر كثير، والحكمة الكلية الحقة

<<  <  ج:
ص:  >  >>